logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

أبناءنا والدخول المدرسي

أبناءنا والدخول المدرسي

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
في كُلِّ عامٍ وبعودة أبنائنا إلى مدارسهم، وامتلاء الشَّوارع بهم، لابُدَّ أن نقف وقفةً تأمُليَّةً ونسأل أنفُسنا لماذا نقوم بالحرص على دُنياهم ودراستهم ولا نحرص على تعليمهم دينهم، فقد أخبر الله تعالى أنَّ من واجب الآباء تربية أبنائهم وإبعادهم عن النَّار، لِقوله سُبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، وجاء عن علي أنَّ المعنى كلمة قوا أنفسكم؛ أي علموهم وأدبوهم.

 

وهذه المرحلة تتجدَّدُ فيها مسؤوليَّة الآباء تجاه أبنائهم، لِقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ»

فالمسؤوليَّة عظميةٌ وكبيرةٌ أمام الله تعالى، وحريٌّ بنا أن نُراقب الله تعالى فيما نتحمَّله من مسؤوليَّةٍ في مدارسنا التي تفتحُ أبوابها، وكُلُّنا شُركاءُ في هذه المهمَّة والمسؤوليَّة، ابتداءً من المُدير، والمُعلِّم، والأب، والطَّالب، وينبغي علينا أن نستشعر عظم هذه المسؤوليَّة أمام الله، وأنَّ مدارسنا بُنيت لتكون مناراتٍ للهُدى، ونشر الخير، والصَّلاح، والفضيلة، ورفعاً للمُجتمع عن الرَّذيلة، فينبغي أن تتكاتف الجُهود لتحقيق هذه الأهداف السَّامية

لذا، لابد وأن نستشعر الإخلاص لوجه الله تعالى؛ فالعلم من الأُمور التي يُحبُّها الله ورسوله والتي رغَّبا بها، وقد جاء عن الإمام أحمد قوله: "العلم لا يعدله شيء إذا صَلُحت النيَّة"، فلنُصلح نوايانا جميعاً عند تعلُّمنا ما ينفعنا في ديننا ودُنيانا، ولندخُل مدارسنا بنيَّة ابتغاء الأجر من الله تعالى، ولنسعى للرُقيِّ بأُمَّتنا، وتحقيق أهداف العلم النَّبيلة، أتعلَّم أُمور ديني لأُزكِّي نفسي، وأصلح شأني، وأستزيد في العلم الذي أمرني ربِّي التَّزود منه

كما ينبغي على أبنائنا الطلبة أن يبدأوا عامهم الجديد بهمَّةٍ عاليةٍ تُناسب رُقيَّهم في دُروب العلم والفضيلة؛ فالهمَّة العالية ينبغي أن تكون مُصاحبةً لطالب العلم على الدَّوام؛ فهي التي تحثُّه على الفضيلة، وتُبعدهُ عن الرَّذيلة، وبالهمَّة يكون العلم صلاحاً ونماءً لصاحبه، ومن قصَّر في طلبه للعلم يكون مسؤولاً أمام الله يوم القيامة، كما أنَّه يجب لطالب العلم أن يعمل بما يعلم ليكون له حُجَّةً يوم القيامة

وعلى صعيد المُربين الأفاضل من المُعلمين والمُعلمات؛ فلابُدَّ من اهتمامهم وعنايتهم بالطُلاب عنايةً عظيمةً، وخاصَّةً في زماننا الذي كثُرت وتنوَّعت به الفِتن والشُّرور، وذلك يُحتِّم على المُربين أن يهتموا بِطُلابهم اهتماماً أكثر، وأن يولوهم عنايةً أكبر، حيثُ إنّ أبناءنا الطلبة باتوا يتلقون من أكثر من وسيلةٍ، ومن قنواتٍ مُختلفةٍ، فلابُدَّ لهم عند قُدومهم للمدرسة أن يجدوا المُربِّي النَّاصح الذي يُرشدهم للخير، ويأخُذ بيدهم إلى الصَّلاح والهداية، ويُبعدهم عن الشُّبهات والشَّهوات والمُغريات، وعلينا أن نكون جميعاً مُتعاونين في تحقيق هذه الأهداف، وأن يكون المُربِّي قُدوةً لِطُلابه

كما يجدر بأبنائنا الطَّلبة أن يكونوا على مُستوىً عالٍ من الاحترام والتَّقدير لمُعلميهم ومُربيهم، وأن يحترموا مدرستهم، وأن يحرصوا على أن يكون علمهم نافعاً ومُباركاً أينما وُجد، وأن يبتعدوا عن كُل ما يُمكنهُ أن يُبعدهُم عن الغاية التي من أجلها أرادوا الدراسة والتوجه إلى مدرستهم، فأول ما بدأ الله به من آيات من حيث النُزول قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، وذلك ممَّا يرفع من قيمة العلم وأهله، إذا كان المقصود منه وجه الله تعالى

كما يجب أن يكون قُدوتهم في التَّعليم مُعلِّمنا الأوَّل مُحمد صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال عنه بعض الصَّحابة: "ما رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ولَا بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيمًا منه، فَوَاللَّهِ، ما كَهَرَنِي ولَا ضَرَبَنِي ولَا شَتَمَنِي"

فلنحرص جميعاً الآباء منا والأُمهات على تشجيع أبنائنا على العلم، ومُتابعة تحصيلهم الدراسيِّ، وما يرجعون به من أخلاقٍ من مدارسهم؛ لأنَّ الابن قد يتعرَّض للانحراف بسبب زُملائه، إذ إنَّ العمليَّة التَّدريسيَّة مسؤوليةٌ مُشتركةٌ تعاونيَّةٌ بحاجة إلى وُقوف جميع أطرافها في صفٍ واحدٍ لتؤتي أُكُلها وثمارها المرجوة

محمد حسين دحلان

باحث في الشريعة الإسلامية

وخطيب في جوامع موروني

تعليقات