وتم الاتفاق المذكور بوساطة أميركية قدمت فيها الولايات المتحدة مقترحا ينص على إنهاء الأعمال القتالية التي استمرت لأكثر من عام، في عملية سماها حزب الله "معركة أولي البأس"، وسمتها إسرائيل "عملية السهام الشمالية". وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن الاتفاق قائلا إنه يهدف إلى وقف العمليات القتالية بشكل دائم. ووافق عليه مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وكذا قيادة حزب الله، كما رحبت به حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي. ونقلت وكالة رويترز -عن مصدر سياسي لبناني كبير قالت إن لديه اطلاعا مباشرا على المفاوضات- أن الاتفاق، الذي أشرف عليه المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين، يتألف من 5 صفحات تشمل 13 قسما. وفيما يلي ملخص لأهم بنوده
وقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات
وينص بنود الاتفاق على بدء وقف الأعمال القتالية بين الجانبين اعتباراً من صباح يوم الأربعاء 27 نوفمبر الجاري. وأن تتوقف إسرائيل عن "تنفيذ أي عمليات عسكرية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك استهداف المواقع المدنية والعسكرية، ومؤسسات الدولة اللبنانية، برا وبحرا وجوا". كما توقف كل الجماعات المسلحة في لبنان (أي حزب الله وحلفائه) عملياتها ضد إسرائيل
وأشار الاتفاق إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا من جنوب لبنان، ويكمل انسحابه في أجل لا يتعدى 60 يوما، إضافة إلى بدء عودة المدنيين النازحين من الجانبين إلى ديارهم. كما تضمن الاتفاق نصوصا تحفظ حق لبنان وإسرائيل في الدفاع عن النفس. وأن ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً شمالي الحدود مع إسرائيل. وينشر الجيش اللبناني قواته في جنوب الليطاني (نحو 10 آلاف جندي) بما يشمل 33 موقعا على الحدود مع إسرائيل
دعم فرنسي أميركي
وقالت وسائل إعلام غربية إن الاتفاق ينص على أن الجيشين الأميركي والفرنسي يقدمان دعما عسكريا للجيش اللبناني. واعتراف إسرائيل ولبنان بأهمية القرار 1701 والتشديد أن الالتزامات التي ينص عليها لا تنفي حق الطرفين في الدفاع عن النفس بما يتفق مع القانون الدولي. إضافة إلى تفكيك كل المنشآت العسكرية غير المرخصة والمعنية بصناعة السلاح في لبنان، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة بدءا من منطقة جنوب الليطاني. وتعتزم الولايات المتحدة وفرنسا قيادة الجهود الدولية لدعم بناء القدرات والتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء لبنان لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة. وتشرف على مراقبة تنفيذ الاتفاق آلية ثلاثية قائمة مسبقا بين قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وسيجري توسيعها لتشمل الولايات المتحدة وفرنسا، وسترأس واشنطن هذه المجموعة. ويتم الإبلاغ عن أي انتهاكات محتملة لآلية المراقبة، وستحدد فرنسا والولايات المتحدة معا ما إذا كان قد حدث انتهاك
وأعلنت إسرائيل في الأول من أكتوبر 2024، بدء عملية عسكرية برية تستهدف مواقع تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، بإسناد جوي ومدفعي. وجاء الإعلان بعد أسبوعين من تصعيد إسرائيلي تمثل في تفجير أجهزة اتصالات الحزب وشن غارات جوية في العاصمة بيروت، وخاصة في ضاحيتها الجنوبية وفي جنوب لبنان وأجزاء من وادي البقاع. أدت تلك الهجمات إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعدد من قيادي الحزب، كما قتل وجرح فيها عدد كبير من المدنيين
وارتبطت الحرب بين إسرائيل وحزب الله بالحرب التي شنها الاحتلال في قطاع غزة، إذ أعلن حزب الله فتح "جبهة إسناد" للمقاومة في غزة، فأطلق الصواريخ على المنشآت العسكرية الإسرائيلية في مزارع شبعا، وتبادل الطرفان لاحقا الضربات عبر الحدود على مدى 11 شهرا. ووسّعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر 2024 نطاق عدوانها على لبنان، إلى معظم مناطق البلاد بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت عملية برية في جنوبه سمتها "السهام الشمالية
خسائر الحرب عند الطرفين
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية يوم 24 نوفمبر الجاري مقتل 3768 شخصا وجرح 15 ألفا و699 آخرين منذ الثامن من أكتوبر 2023. من جهته أعلن حزب الله عن مقتل نحو 500 من مقاتليه حتى سبتمبر 2024، لكنه توقف لاحقا عن الإفصاح عن مزيد من الأرقام. ووفقا لتقرير صدر عن البنك الدولي بلغت تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان حوالي 2.8 مليار دولار، مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية بشكل كلي أو جزئي
كما أفاد مختبر المدن التابع للجامعة الأميركية في بيروت بأن الضربات الجوية الإسرائيلية دمرت ما لا يقل عن 262 مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما ألحق الجيش الإسرائيلي أضرارا واسعة النطاق بقرى وبلدات في جنوب لبنان وسهل البقاع. وكشف تقرير البنك الدولي أن القطاع الزراعي تكبّد خسائر قدرت بـ124 مليون دولار في الأضرار المباشرة، وأكثر من 1.1 مليار دولار بسبب فوات الحصاد نتيجة تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية، إضافة إلى نزوح المزارعين
وفقا للإعلام الإسرائيلي أسفرت صواريخ حزب الله عن مقتل 45 إسرائيليا و73 عسكريا في الجبهة الشمالية والجولان السوري المحتل، إلى جانب تدمير 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية. وقدرت الأضرار التي لحقت بالممتلكات في إسرائيل بما لا يقل عن مليار شيكل (273 مليون دولار)، مع تسجيل خسائر كبيرة في المنازل والمزارع والمشاريع، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من سكان مستوطنات الشمال