logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

الحكمة من تعدد الزوجات في دين الإسلام

الحكمة من تعدد الزوجات في دين الإسلام

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
إن مسألة تعدد الزوجات ضرورة اقتضتها ظروف الحياة، وهي ليست تشريعا جديدا انفرد به الإسلام، وإنما جاء الإسلام فوجده بلا قيود ولا حدود وبصورة غير إنسانية، فنظمه وشذبه، وجعله علاجاً ودواء لبعض الحالات الاضطرارية، التي يعاني منها المجتمع، وفي الحقيقة فإن تشريع التعدد مفخرة من مفاخر الإسلام، لأنه استطاع أن يحل (مشكلة اجتماعية) هي من أعقد المشاكل التي تعانيها الأمم والمجتمعات اليوم فلا تجد لها حلاً.

 بقلم الدكتور إبراهيم أحمد جونغا  ✍️

محاضر في جامعة جزر القمر

إن المجتمع كالميزان يجب أن تتعادل كفتاه، فماذا نصنع حين يختل التوازن ويصبح عدد النساء أضعاف عدد الرجال؟ أنحرم المرأة من (نعمة الزوجية) و(نعمة الأمومة) ونتركها تسلك طريق الفاحشة والرذيلة، أم نحل هذه المشكلة بطرق فاضلة نصون فيها كرامة المرأة، وطهارة الأسرة وسلامة المجتمع؟ وأقرب الأمثلة شاهداً على ما نقول ما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث زاد عدد النساء زيادة فاحشة على عدد الرجال، فأصبح مقابل كل شاب ثلاث فتيات وهي حالة اختلال اجتماعي، فكيف يواجهها المشرع جل جلاله؟ لقد حل الإسلام المشكلة بتشريعه الإسلامي الرائع، بينهما وقفت المسيحية حائرة مكتوفة الأيدي لا تبدي ولا تعيد

إن الرجل الأوروبي لا يبيح له دينه التعدد، لكنه يبيح لنفسه مصاحبة المئات من الفتيات بطريق الرذيلة، يرى الوالد منهم فتاته مع عشيقها فيسر ويغتبط، بل ويمهد لهما جميع السبل المؤدية لراحتهما، حتي أصبح ذلك عرفاً سارياً اضطرت معه الدول إلى الاعتراف بمشروعية العلاقات الآثمة بين الجنسين، ففتحت باب (التدهور الـخُلقي) على مصراعيه، ووافقت على قبول مبدأ (تعدد الزوجات) ولكن تحت ستار المخادنة، وهو وزواج عرفي لكنه غير مسجل بعقد، ويستطيع الرجل أن يطردها متى شاء دون أن يتقيد حيالها بأي حق من الحقوق، والعلاقة بينهما علاقة جسد لا علاقة أسرة وزوجية، فأعجب من منع (تعدد الزوجات) بالحلال وإباحته بالحرام، حتي نزلوا بالمرأة من مرتبة الإنسانية إلى مرتبة الحيوانية. رب إن الهدى هداك وآياتك حق تهدي بها من تشاء

من أجل ذلك نجد أنَّ الحكمة من نظام تعدد الزوجات نظام إلهي شرعه الله عز وجل وأباحه لمصلحة المرأة أكثر مما هو لمصلحة الرجل، وذلك تطهيراً للمجتمع من الفساد واستبعاداً للرذائل وأماناً من القلق وحفظاً للحياة، كي تبقى سليمة من أدران الأمراض ونتن الفواحش والآثام، لأن زيادة عدد النساء بلا أزواج مدعاة لانتشار الفسق والفجور والفاقة والأمراض الجسمية والنفسية من القلق والحيرة والشعور بالوحشة والكآبة وغير ذلك

وليضع كل واحد منا أخته، أو ابنته أمام عينيه في كل حالة من الحالات ومنها حالة إذا فاتها قطار الزوجية لسبب من الأسباب، أو لينظر كل منها إلى حالة تلك الأرملة أو المطلقة التي كان من قدر الله تعالى عليها أن تصبح كذلك فمن يتقدم على الزواج من هذه النساء هل سيتقدم لزواجهن شاب في شبابه وهو لم يتزوج بعد، كما أن الله تعالى لو لم يبح التعدد فما هو مصير تلك النسوة اللاتي ينتظرن الرجل الذي يحقق لهن الإعفاف والنفقة وهذا مبني على القدرة على النفقة. فإذا كان الشخص قادراً على التعدد ولكن له قريبة منقطعة فاتها قطار الزواج، فيريد أعفافها بضمها إليه كزوجة، أو هناك يتيمة لا أهل لها ولا معيل ويريد الإحسان إليها بأن يتزوجها ليضمها إلى بيته باعتبارها زوجة فيحقق لها العفاف والنفقة، أو أن يجد امرأة اعتنقت الإسلام وقاطعها أهلها على ذلك فيتزوجها المسلم في ديارها أوفي دياره ليحفظها من الضياع والافتتان في دينها الذي اعتنقته وهداها الله إليه، أو أن تقع الحرب فتحصد الرجال فيكثر عدد النساء، فمن الأولى والمستحب أن يتزوج القادرون على الزواج بأكثر من واحدة لإعفاف أكبر عدد ممكن من النساء الذين فقدوا أزواجهم، أو لم يتزوجوا بعد وهكذا، فلا يمكن القول بأن الاقتصار على الواحدة إذا حصل به الإعفاف هو الأولى

ومن أجل ذلك يتبين أن التعدد هو لصالح المرأة أولاً قبل أن يكون لصالح الرجل، وأنه ليس ظلماً للمرأة كما يظنه البعض، فالذي شرع التعدد هو الله -سبحانه وتعالى- ولو كان التعدد فيه ظلماً لحرمه الله تعالى، ولكن شرعه للمصلحة المتبادلة التي تقضي في عدم حرمانها من الزواج، والحفاظ عليها من الضياع والافتتان ولمصلحة الرجل بعدم تعطل منافعه، ولمصلحة الأمة بكثرة نسلها، فهو تشريع إلهي من حكيم خبير، فيه مصلحة للجانبين وعلى المرأة المتزوجة القبول به والنظر إلى تلك النساء اللاتي تأخرن عن الزواج، أو فقدن أزواجهن بالرحمة وترك الأنانية والغيرة وذلك خدمة لأخواتها المسلمات وعدم تركهن محرومات يعشن في الكآبة والوحشة، وقد يؤدي ذلك إلى افتتانهن وضياعهن فما عليها إلا أن تفكر في أختها من بني جنسها وتنظر إلى واقعها المؤلم الذي تعيشه، وهي محرومة من الزوج والذرية ولك أختي المسلمة في أمهات المؤمنين زوجات النبي أكبر قدوة في ذلك فقد عدد النبي زوجاته، وعدد الأصحاب والتابعون زوجاتهم، ودرج المسلمون بجميع طبقاتهم وفي جميع عصورهم يعددون الزوجات، ويرون أن التعدد مع العدل بين النساء حسنة من حسنات الرجال إلى النساء بصفة خاصة وإلى المجتمع بصفة عامة ومضت على ذلك سنة المسلمين أربعة عشر قرنًا

الحكمة من تعدد الزوجات

الوضع الطبيعي وهو الأشرف والأفضل أن يكون للرجل زوجة واحدة، لأن الغيرة مشتركة بين الزوج والزوجة، فكما أن الزوج يغار على زوجته، كذلك الزوجة تغار على زوجها. ولكن الإسلام أباح التعدّد لضرورة، أو حاجة وقيّده بقيود: القدرة على الإنفاق، والعدل بين الزّوجات، والمعاشرة بالمعروف، والإباحة لأحوال استثنائية منها

عقم الزوجة: الرّجل بالفطرة يحبّ إنجاب الولد وأن تذهب ثروته ونتيجة جهوده لأولاده فإذا كانت المرأة عاقراً لا تلد، فأيهما أولى: الطلاق أم تعدد الزوجات؟ لا شك بأن الزواج من امرأة ثانية أخفّ ضررا على الزوجة الأولى بشرط صون كرامتها، وأداء حقوقها كاملة غير منقوصة

كثرة النساء: إن الإسلام تركز على العدل والتوازن لجميع النساء، فلم يترك من توفى عنها زوجها، أو طلِّقت، أو لم تتزوج في الأصل بدون تشريع يأخذ ذلك بعين الاعتبار. لذلك قد تكثر النساء ويقلُّ الرجال عقب أزمات الحروب، فيكون الأفضل تعدد الزوجات تحقيقاً لعفاف المرأة وصوناً لها عن ارتكاب الفاحشة، وتطهيراً للمجتمع من آثار الزنا وما يعقبه من انتشار الأمراض وكثرة المشردين واللقطاء

الحالة الجنسية: وذلك حماية من لا يستطيع زوجة واحدة أن تعفَّهم، وسد باب الزنا لديهم مما له من آثار سلبية وخيمة على الفرد والمجتمع، لذلك قد تصاب المرأة بالبرود الجنسي ولا سيما عقب بلوغ سن اليأس، أو قبله عند استئصال الرحم بسبب مرض. وقد يكون الرجل ذا قدرة جنسية زائدة أو شبق دائم مستمِّر، وهو لا يكتفي بامرأة واحدة، لعدم استجابتها أحياناً، أو لطروء الحيض عليها أسبوعاً في كل شهر على الأقل، فيكون اللجوء للتزوج بزوجة ثانية حاجزاً له عن الوقوع في الزنا الذي يضيّع الدِّين والمال والصّحة، ويسيء إلى السُّمعة

الزواج فيه السكينة والطمأنينة وليس حاجة جسدية فقط، فبه نعمة الولد، والأمومة والأبوَّة، فكان تفضيل التعدُّد على العيش في وحدة

التعدُّد في الشريعة الإسلاميَّة ليس واجباً، فمن اكتفى بواحدة، أو لن يستطيع العدل إذا ما تزوج أخرى، فلا حاجة لذلك

إمكانية أن يكون الزواج الثاني في كثير الأحيان راحة للزوجة الأولى، فهو يخفِّف الأعباء الزوجية عليها، أو سبب التعدد هو سعي وراء الأجر، فقد يتزوج الرجل امرأة مسكينة وحيدة لا عائل لها، فيعفُّها ويرعاها

أما إساءة استعمال بعض المسلمين إباحة تعدّد الزوجات كالانتقام من الزوجة السابقة، أو لمجرّد الشّهوة، لا لهدف مما ذكر، فهو تصرّف شخصي يسيء إلى الأصول والمبادئ الإسلامية التي أباحت التعدّد مقيَّداً بقيود معينة، وعلى كلّ حال، نادى كثير من فلاسفة الغرب بتعدّد الزّوجات، وهو لا شكّ أفضل بكثير من تعدّد العشيقات والمخادنات. وأما الطلاق، فهو واقع في كلّ ديار الغرب لأسباب كثيرة بل تافهة يترفّع المسلمون عن مجاراتهم فيها. لذلك نجد أن حكمة تعدد الزوجات؟

أسباب تعدّد زوجات النّبي

لم يعدد النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم زوجاته إلى تسع بقصد شهواني أو لمتعة جنسية، واقتصر على واحدة هي السيّدة خديجة أم المؤمنين إلى نهاية الكهولة وهي سنّ الرابعة والخمسين من عمره الشريف، وبعد هذه السّن تقل الرّغبة بالنّساء عادة، وكان أكثرهن ثيّبات لا أبكاراً

وإنما كان تعدّد زوجاته لأغراض إنسانيّة واجتماعيّة وإسلاميّة، فقد يتزوّج امرأة بتزويج اللّه له كزينب بنت جحش لإبطال عادة التّبني، حتى كَانَتْ زَيْنَب تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ: «زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ» أخرجه البخاري في صحيحه. وقد يتزوّج امرأة لتعويضها عن زوجها الذي فقدته بسبب الهجرة أو الجهاد في سبيل اللّه، وقد يتزوّج من القبائل لتقوية رابطتهم بالإسلام، وربّما كان زواجه أحياناً بقصد نشر الإسلام بين القبائل العربية، فتكون مصاهرته لقبيلة مثل زواجه بجويرية بنت الحارث سببا في اعتناقها الإسلام، فدخل بنو المصطلق في الإسلام بسبب جويرية، وكان في هذا التعدّد فوائد كثيرة من أهمها تعليم نساء المسلمين الأحكام الخاصة بالنّساء أو الخاصة بين الزّوجين، وجعلهنّ قدوة في تطبيق الأحكام الإسلامية المتعلّقة بالأسرة وغيرها لأنه عليه الصلاة والسّلام القدوة الحسنة للمسلمين في أخلاقه ومعاشرته وسلوكه وعبادته ونحو ذلك

الخلاصة

إن تعدّد الزّوجات في الإسلام أمر تلجئ إليه الضرورة، أو تدعو إليه المصلحة العامة أو الخاصة، وإصلاح مفاسده أولى من إلغائه، ولا يجرأ أحد على الإلغاء لأن النصوص الشرعية تدلّ صراحة على إباحته، وتعطيل النّص أو الخروج عليه أمر منكر حرام في شرع اللّه ودينه

والنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم راعى الحكمة البالغة والمصلحة الإسلامية في اختيار كل زوجة من زوجاته، فأما خديجة فهي الزوجة الأولى التي رزق منها الأولاد، وذلك متّفق مع سنّة الفطرة. وأما سودة بنت زمعة، فلتعويضها عن زوجها بعد رجوعها من هجرة الحبشة الثانية، وهي من المهاجرات الأوليّات، فلو عادت إلى أهلها لعذّبوها وفتنوها عن دينها، وأما عائشة وحفصة، فلإكرام صاحبيه ووزيـرَيْـه: أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما. وأما زينب بنت جحش فلإبطال توابع عادة التّبنّي مثل تحريم التّزوج بزوجة المتبنّى. وأما جويرية بنت الحارث سيّد قومه بني المصطلق، فمن أجل إعتاق الأسرى ، وكان ذلك سبباً في إسلام بني المصطلق

وأما زينت بنت خزيمة الملقبة أم المساكين فلتعويضها عن زوجها وهو عبد اللّه بن جحش الذي قتل في أحد، فلم يدعها أرملة تقاسي المتاعب والأحزان

وكذلك زواجه بأم سلمة (واسمها هند) كان لتعزيتها بفقد زوجها أبي سلمة، ولفضلها وجودة رأيها يوم الحديبية

وأما زواجه بأم حبيبة: رملة بنت أبي سفيان بن حرب فلتأليف قلوب قومها وإدخالهم في الإسلام، بعد أن هاجرت مع زوجها عبيد اللّه بن جحش إلى الحبشة الهجرة الثانية، فتنصّر هناك، وثبتت هي على الإسلام

وأما زواجه بصفية بنت حيي بن أخطب سيّدة بني قريظة والنّضير من سبي خيبر، فمن أجل تحريرها من الأسر وإعتاقها

وأما ميمونة بنت الحارث الهلالية (وكان اسمها برّة) آخر أزواجه بعد وفاة زوجها الثاني أبي رهم بن عبد العزى، فلتشعب قرابتها في بني هاشم وبني مخزوم

تعليقات