الصلاة ملجأ العبد إلى الله، فمن آثار الصلاة أنها تُشعر المسلم بِعزّةٍ ورفعةٍ عندما يضعُ الشخص جبهته وناصيته على الأرض، ليتذلّل ويفتقر إلى خالقه، فيتحرّر من قيوده، ويُعلن كامل التسليم لله -تعالى، ويكرّر في استقامة قلبه: سبحان ربي الأعلى
ومن آثار الصلاة أنها تكفر الذنوب والخطايا. فقد ورد في حديث نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال «أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا»
ومن آثار الصلاة أنها ترفع مستوى أخلاق المسلم. فقد قَرَن الله عز وجل في غير موضعٍ من القرآن الكريم الصلاةَ باستقامة الخُلُق، فقال ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾. فالصلاة تَبني وتُقّوِّم الوازع الأخلاقي وجوانب عديدةٍ أُخرى، منها الجانب الفكري، حيث تَحُثُّ المُسلمَ على التفكُّر والتدبُّر في خلق الله تعالى، ويحرص المسلم فيها على التَزيّنِ والتَّطِيب وأن يكون بأفضل حُلّةٍ أمام الله، وغير ذلك من الجوانب
ومن آثار الصلاة كسب سكينة النفس واستقرارها، الصلاة وسيلة لسكينة النفس واستقرارها، وفي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، وهو توجيهٌ نحو الأناة وعدم الاستعجال، فيتعلم المسلم كيف يعيش كل لحظةٍ من حياته دون تَعجُّل، ويكون مُدركاً أنّ الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الضر والنّفع بيده -سبحانه- وحده
وللصلاة أثر على المجتمع المسلم، فعندما يقرأ المسلم آية: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، وما فيها من دلالاتٍ على أهمية صلاة الجماعة وجوباً كما في صلاة الجمعة، أو رغبةً في الأجر كما في بقيّة الصلوات، فإنّ ذلك فيه آثار مختلفة وعديدة على كُلٍ من الفرد والمُجتمع، منها توحيد صفوف المسلمين وتثبيت قلوب الضعفاء منهم من خلال إظهار الشعائر بشكلٍ جماعيٍّ، كما أنّ التزام العلماء والصالحين فيها سببٌ في اقتداء الضعفاء والأقل إيماناً بهم في ذلك، واجتماعهم عليها جميعاً من صغيرٍ وكبيرٍ، وعالمٍ وجاهلٍ، وقويِّ الإيمان وضعيفه، يُبيّن عظمة دين الإسلام ووحدته، وأنّ كلمة الله هي العُليا
وفي الصلاة ترسيخ العقيدة ووحدانية الله في قلوب المسلمين كما أنّ لأذان الصلاة أيضاً وقعٌ خاص في أسماع المسلمين، فهو بمثابة الإعلان عن دخول وقت الصلاة، وترسيخ العقيدة في نفوس المسلمين التي تؤكّد على معاني توحيد الله تعالى وإثبات النبوّة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من خلال الأذان وتكراره. ومن فوائد الصلاة أنها تلاشي الفروقات بين المسلمين وتطهر قلوبهم من الآثار أيضاً أنّ الفروق تتلاشى بين الناس حين يصطفّ الفقير بجانب الغنيّ، والمسؤول بجانب المواطن، والأبيض والأسود، وكلّهم يعترفون بافتقارهم وعبوديّتهم لله تعالى، ويؤدّونها بشكلٍ يومي، ليرسّخ في نفوسهم ونفوس غيرهم وحدَة هذا المجتمع وهذه الأمة
ومن فوائد الصلاة أنها تثبت المجتمع المسلم في المحن حين يتّجه المسلمون باتّجاه قِبلةٍ واحدةٍ ويتّحدون في جميع أنحاءِ الأرض في عبادتهم وعقيدتهم وقبلتهم، وكأنهم جسدٌ واحد، فهي من أعظم أسباب ثباتِ المُسلم في المِحن
وفي الصلاة توطيد علاقات أفراد المجتمع المسلم. فهي تزيد من ثقة المُسلم بربه مع المداومة عليها، وتُغذِّي الجانب الاجتماعي في حرص الإسلام على صلاة الجماعة ورفع قيمتها وأجرها، ويوجب الشّرع صلاة الجمعة للرجال، وهي لا تصح إلا في جماعة، ومن هنا يُخالط المسلم بقية المسلمين ويتعرّف عليهم، وتزداد الوحدة بينهم
وخلاصة القول هو أنّ للصلاة آثار عديدة على مستوى الفرد والمجتمع، فالصلاة هي الصلة بين العبد وربّه، وبالصلاة تحصل الطمأنينة والسكينة في قلب المسلم، والصلاة تساعد في ترسيخ عقيدة المجتمع وثباته أمام المحن والمصائب، كما أنّ للصلاة خصائص متنوعة، فهي أول ما يُسأل العبد عنه يوم القيامة
محمد حسين دحلان
باحث في الشريعة الإسلامية
وخطيب في جوامع موروني