لطالما أن الرعب والخوف والشعور هي مشاعر قوية ومكثفة تشعر بها عندما تواجه مواقف تثير القلق والهلع. الرعب يجعلك تشعر بالارتباك والخوف ويثير الرغبة في الابتعاد أو الهروب من الموقف. فكيف إذا كنت تعيش تحت القصف على مدار أكثر من اثنان وعشرون يوما، لا تتعب فيها طائرات الاحتلال الإسرائيلي في إلقاء القنابل بكافة أنواعها وأشكالها، قنابل الأفراد أم قنابل الفسفورية أم غيرها، إنه القصف الأعنف في تاريخ البشرية على الناس الأبرياء، جلهم من الأطفال الذين هم بعمر الورد. كيف لقلبهم الرقيق أن يتحمل كل هذا الرعب والخوف والمشاهد المرعبة، وكيف لآذانهم الصغيرة بأن تسمع كل تلك الأصوات المدوية والكبيرة في مكانهم الضيق والصغير بجغرافيته ومساحته التي لا تتعدى الكيلومتر، هذا المخيم الذي يقع في غزة يعد من أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة
أُنشئ عام 1948، يقع إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة، بالقرب من قرية تحمل الاسم ذاته أي "جباليا" وعلى مسافة كيلومتر عن الطريق الرئيسي (غزة ـ يافا). تحد المخيم من الغرب والجنوب قريتا جباليا، والنزلة، ومن الشمال قرية بيت لاهيا، ومن الشرق بساتين الحمضيات التابعة لحدود مجلس قروي جباليا، النزلة، وبيت لاهيا
استقر 35.000 لاجئ في المخيم، الإسرائيلية عام 1948، معظمهم كانوا قد هجِّروا من القرى الواقعة جنوب فلسطين. والآن بعد مرور كل هذه العقود تضاعفت أعداد اللاجئين فيه، لكن أنا كإنسانة أتحدث عن الإنسانية وعن كرهي للحروب وحبي للسلام والأمان والاستقرار، إن وصفت لكم حال الأطفال وكيفية قتلهم ابتداء من 7 أكتوبر 2023، يعجز القلم عن وصفها، وتتلبد الكلمات وتقف كصخرة كبيرة من الألم على صدري حابسة أنفاس القهر والتنهيد، ماذا علي أن أصف لكم إن كانت كلماتي ملح ورذاذ، ما جدوى الوصف والكلام إن لم يزهر أمل وأمان وسلام، وبهذه اللحظات إن لم يكن له تأثير يوقف شلال الدماء
يا أصحابي القارئين كلماتي، أكتب لكم وأنا غارقة في سرير الآلام، متمسرة أمام التلفاز منتظرة خبر لوقف العدوان والنيران والقصف على الأطفال في غزة هاشم، من ساعات تم قصفهم بالقنابل الفسفورية ومازال القصف مستمر
أكتب لكم كلماتي بدمائي النازفة من جرح قلبي، وبدموعي التي لا تستطيع أن تعبر لكم عن حجم الألم والفقدان لقد جفت من كثر العويل والأحزان.. على الأطفال وأمهاتهم في غزة. لكم أيها الأحباء أن تتخيلوا صورة أسرة فلسطينية مكونة من الأب الناجي وزوجته وأبناؤه يحملهم إلى جانبيه بأكياس لأنهم أصبحوا أشلاء، أكتب لكم وقلبي يكاد أن يتوقف من هذا المنظر الذي لا يمكن أن نتخيله، ونحن في أبشع وأسود أفكارنا وحالاتنا حتى، لكنه حدث أنه صار وأصبح حقيقة ولا أحد من الحكام الحاكمين العالم تأثر أو ثار من أجل الإنسان
أنا فلسطينية حقيقية، لكن لا أتمنى هذا الحال حتى للطفل اليهودي الذي قتلتنا دولته، دولة الاحتلال وشتت شمل عائلاتنا وأباد أيضا عائلات كاملة من الغزيين لدرجة أنها مسحت من السجل المدني، أي زمان هذا الذي نعيش فيه هذه الويلات. ما ذنب الأطفال في فلسطين ما ذنب الناس الأبرياء ؟
ذنبنا أننا فلسطينيون، ذنبنا أننا ولدنا على هذه الأرض المقدسة، لندفع ضريبة صمودنا بأن نقتل، نحن كنا آمنين قبل عام 1948، لكن الذين تآمروا علينا هم من زعزعوا أمننا، وهم المسؤولين عن كل أوجاعنا، خلقنا على هذه الأرض واستقبلنا اليهود النازحين من ألمانيا من النازي هتلر واستقبلناهم أقليات ضعفاء فقراء مساكين، وقمنا بتنظيفهم، حتى أن جدي ومن مثله أعطاهم أرضا ليتعاشوا منها في يافا الملتصقة بتل أبيب الآن كما اسماها الاحتلال، وشاركناهم الحب والأمل ومنحناهم الأمان... وما كان منهم إلا أن شكلوا العصابات الصهيونية، ووعد بلفور ليقتلونا ويشردونا من أرضنا، هم يقضون مضاجعنا، ويعتدون علينا، وهم من سرقونا وإن كان لهم الدعم الكبير من أبناء جلدتنا، لكن أبشركم أيها القراء وأقول إن أرض فلسطين ولاده بالأحرار والثوار والرجال الرجال
أما عن غزة هاشم التي هي مصنع الرجال، إن رجعتم الى التاريخ فستقرؤون أن نابليون دخلها وخرج منها مهزوما، وكذلك التتار والمغول الذين هزموا على أعتابها. إن إسرائيل بهذه الأعمال الشنيعة قتلت حتى الانسانية أجمع
أما عني أتساءل كل يوم وأقول أين الانسانية ؟ أين هؤلاء الطيبون والمؤثرون ؟ أين الرأي الدولي والعالمي ؟ أين الضمير الإنساني ؟ أين أبحث عن هؤلاء ؟ أين أجدهم من ينقذ أطفال غزة ؟ فإنهم ينزفون دما ويقطرون دموعا ويرتجفون خوفا وهلعا