logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

الاستقامة وسبل تحقيقها

الاستقامة وسبل تحقيقها

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
تُعد الاستقامة على طاعة الله والتمسك بالصراط المستقيم من أعظم ما ينبغي للإنسان أن يحرص عليه في حياته. فالمسلم مطالب بعدم الحياد أو الانحراف عن هذا الطريق، سواء عن يمين أو شمال، كما جاء في القرآن الكريم: ﴿فاستقم كما أمرت﴾، و ﴿فاستقيموا إليه واستغفروه﴾.

 

وقد ورد في الحديث الصحيح أن رجلاً سأل النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك"، فأجابه النبي: «قل آمنت بالله ثم استقم»، مشيرًا بذلك إلى أن الاستقامة جزء لا يتجزأ من الإيمان والممارسة اليومية للمسلم

أيها القراء، الاستقامة هي أساس السعادة وسبيل الفلاح والرفعة في الدنيا والآخرة. وهي التمسك بهدي الله، والثبات على دينه، والمحافظة على أوامره واجتناب نواهيه، مع نظر دائم إلى ثواب الله وخشيته من عقابه. فالمستقيم يسعى لطاعة الله حتى يلقاه وهو راضٍ عنه غير ساخط

الاستقامة مطلب عظيم ومقصد جليل، ولا تتحقق إلا بمجاهدة النفس واستعانة الله عز وجل. ولها قاعدتان أساسيتان: استقامة القلب واستقامة اللسان. عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه

وتتمثل استقامة القلب في الإيمان بالله، والخوف منه، ورجاء رحمته، وحسن التوكل عليه، ومحبة ما يحبه من الأعمال والأقوال، والعناية بتنقيته وتزكيته. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب». كما قال الله تعالى: ﴿قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها﴾. فإذا استقام القلب، تبعت الجوارح كلها في الطاعة

أما استقامة اللسان فتتحقق بصيانته عن كل قول يغضب الله، وشغله بكل ما هو نافع ومفيد، كما أمر الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا﴾. واستقامة اللسان تؤدي إلى استقامة الجوارح، فهي نتيجة طبيعية لقلب مستقيم ولسان صادق

وسائل تحقيق الاستقامة

الدعاء المستمر: فالدعاء مفتاح كل خير وسبيل للثبات على الدين القويم، كما كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

العلم النافع: فالاستقامة لا تتحقق إلا بالعلم الذي يضيء الطريق ويفرق بين الحق والباطل، بين الصالح والضار

ذكر الحساب والآخرة: التذكر الدائم أن الإنسان سيقف بين يدي الله، وأنه سيحاسب على أعماله، كما قال الله تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

مرافقة الصالحين: فالصحبة الصالحة تقود إلى الخير، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال أيضا «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ؛ كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ. فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً. وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً». وقال أيضا «لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الاستقامة ويوفقنا للعمل لما يحب ويرضاه، وأن يجعل قلوبنا مستمرة على طاعته ولساننا صادقاً، وجوارحنا مطيعة لأوامره

محمد حسين دحلان

باحث في الشريعة الإسلامية

تعليقات