إعداد/ شيخ علي حماد  ✍️

وجاء احتفال هذا العام تحت شعار: "الاتحاد مع الشباب ضد الفساد: تشكيل نزاهة الغد"، وهو امتداد لشعار العام الماضي، وتأكيد على الدور المحوري الذي تضطلع به فئة الشباب في جهود الوقاية من الفساد، باعتبارهم "حراس النزاهة" في الحاضر والمستقبل، من خلال تمكينهم، والاستماع إلى أصواتهم، وإشراكهم في بناء منظومة رقابية ومجتمعية أكثر صلابة وعدالة

وفي كلمته بهذه المناسبة، جدّد رئيس الجمهورية التأكيد على أن مكافحة الفساد مسؤولية جماعية تهم المجتمع بأسره، واصفًا الفساد بأنه "تهديد حقيقي للتنمية المتسارعة في البلاد"، لما له من آثار سلبية تتمثل في إضعاف مؤسسات الدولة، وتبديد الموارد العامة، وتعميق الفوارق الاجتماعية، وتقويض الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم. وقال في هذا السياق: "الفساد ليس مفهومًا مجردًا، بل له آثار ملموسة ومدمرة، ومواجهته تتطلب ترسيخ ثقافة النزاهة من خلال التعليم والتوعية

الشفافية والنزاهة

ودعا الرئيس غزالي عثمان المبلّغين عن المخالفات، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والقطاع الخاص، والهيئات الدينية، والمعلمين، والأسر، ولاسيما فئة الشباب، إلى الالتزام بالدفاع عن المصلحة العامة. كما أشار إلى التقدم المحرز في إضفاء الطابع الرسمي على نظام التصريح بالممتلكات، باعتباره ركيزة أساسية لتعزيز الشفافية في الحياة العامة ومنع تضارب المصالح، مع الإقرار بوجود قصور سابق في التزام بعض الجهات بهذا الإجراء

من جهتها، أكدت رئيسة غرفة مكافحة الفساد، فهاموي يوسف، أهمية إحياء هذا اليوم الذي أُقرّ في أكتوبر 2003، ويهدف إلى رفع مستوى الوعي العام بالآثار الضارة للفساد، وتعزيز آليات الوقاية منه، وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة القائمة على الشفافية والنزاهة. وأشارت إلى التحسن الذي حققته جزر القمر في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، حيث تقدمت من المرتبة 162 إلى المرتبة 152 عالميًا، محققة 21 نقطة من أصل 100. وقالت: "لا تزال جزر القمر ضمن الفئة (ج)، غير أن مسارنا واضح ويتمثل في بلوغ الفئة (ب) بحلول عام 2030، أو حتى الفئة (أ)، شريطة الحفاظ على زخم إصلاحي متواصل

بدوره، شدّد وزير المالية والميزانية والقطاع المصرفي، إبراهيم محمد عبد الرزاق، على الانعكاسات الاقتصادية الخطيرة للفساد، واصفًا إياه بأنه "تهديد مباشر للتنمية، والاستقرار المؤسسي، وثقة الجمهور". وسلّط الضوء على جملة من الإصلاحات الجارية، من بينها تعزيز الإطار القانوني بموجب القانون رقم (22-011) لسنة 2022 ومرسومه التنفيذي الصادر في يناير 2025، ومنع تضارب المصالح، وضمان تتبع التدفقات المالية، والتطبيق الصارم لإجراءات الصفقات العمومية وفق التعميم الوزاري الصادر في 17 مايو 2025

كما أشار الوزير إلى الإصلاحات الضريبية والجمركية، ولاسيما تبسيط الإعفاءات الضريبية، ورقمنة إجراءات التصريح والدفع، وتعزيز آليات الرقابة للحد من مخاطر الاحتيال، مؤكدًا أن "مكافحة الفساد باتت اليوم سياسة وطنية هيكلية مدعومة بإصلاحات عميقة في مختلف القطاعات

أما القاضي عبد الله محمد شاكر، فقد تناول في مداخلته البعد الأخلاقي والديني لمكافحة الفساد، محذرًا من مخاطر إساءة استخدام المال العام، أي أموال دافعي الضرائب، دون رقابة أو مساءلة. واستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، مذكّرًا بـ"العواقب الوخيمة للفساد على من يمارسونه، ومن يتواطؤون فيه، أو يسهمون في انتشاره أو يوفرون له الغطاء"، داعيًا الجميع، وفي مقدمتهم القادة والمسؤولون، إلى تحصين أنفسهم والمجتمع من هذه الآفة

يُذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت التاسع من ديسمبر يومًا عالميًا لمكافحة الفساد، بهدف رفع الوعي بمخاطره، والتعريف بدور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2005