logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

التعاون الروسي-العربي: القمة الأولى تُؤجَّل في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية

التعاون الروسي-العربي: القمة الأولى تُؤجَّل في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
كانت موسكو تستعد، في منتصف أكتوبر الجاري، لاحتضان أول قمة روسية-عربية داخل جدران الكرملين، في خطوة وُصفت بأنها محطة جديدة في مسار الانفتاح الروسي على العالم العربي، وتجسيد لرغبة الكرملين في ترسيخ حضوره الدبلوماسي في الشرق الأوسط. غير أن التطورات المتسارعة في المنطقة، وتحديداً على خلفية الحرب في غزة، قلبت الموازين وأجّلت القمة إلى موعد لاحق.

 من موسكو/ محمد صالح أحمد   ✍️

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال لقائه الصحفيين العرب في موسكو، أمس الاثنين 13 أكتوبر، أن "القمة الروسية-العربية تأجّلت بسبب تطورات الأوضاع حول غزة"، موضحاً أن انعقاد "قمة السلام في غزة" بشرم الشيخ في اليوم نفسه، بمشاركة أكثر من عشرين دولة، كان السبب المباشر للتأجيل. وأضاف لافروف أنه حرص على إبلاغ الصحفيين العرب الذين حضروا خصيصاً لتغطية الحدث بهذا القرار "بشكل رسمي وشخصي"، تقديراً لأهمية القمة المؤجَّلة

تأجيل القمة لم يُفهم في موسكو كمجرد إجراء بروتوكولي، بل كقرار دبلوماسي يعبّر عن رغبة روسيا في تجنّب تداخل الرسائل السياسية في لحظة دقيقة من الصراع في الشرق الأوسط. فبينما كانت القاهرة وواشنطن تسعيان إلى جمع الأطراف الإقليمية حول طاولة مفاوضات من أجل وقف إطلاق النار في غزة، بدت موسكو حريصة على عدم الظهور كطرف منافس في مسار السلام، خصوصاً بعد استبعادها من المشاركة في القمة المصرية

تقاطعات دبلوماسية وتأجيل محسوب

ورغم غيابها الرسمي عن قمة شرم الشيخ، أكد لافروف استعداد بلاده لـ"المساهمة في أي إطار يسعى إلى تسوية الأزمة"، مشدداً على أن "الحل الدائم للنزاع في الشرق الأوسط غير ممكن من دون إقامة دولة فلسطينية". وأضاف أن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ركزت حصراً على غزة، "في حين يجب أن تشمل التسوية مصير الضفة الغربية أيضاً

الوزير الروسي لم يُخفِ انتقاده لإسرائيل، معتبراً أنها "لم تأخذ بجدية منذ عقود أهمية حلّ الدولة الفلسطينية"، داعياً في المقابل إلى "تقديم تنازلات متبادلة" تتيح إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967

وبعيداً عن الملف الفلسطيني، حرص لافروف على تأكيد أن العلاقات الروسية-العربية تشهد "تقدماً كبيراً" في مختلف المجالات. وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والدول العربية تجاوز 34 مليار دولار، في مؤشر إلى تزايد التعاون في قطاعات الطاقة والزراعة والغاز، ولاسيما ضمن إطار منظمة (أوبك+)

كما ذكّر بالدور التاريخي الذي لعبه الاتحاد السوفييتي في دعم الدول العربية، من خلال استقبال آلاف الطلاب العرب وتبادل الخبرات الفنية والعسكرية، مشيراً إلى أن روسيا "تواصل نقل هذه القيم في إطار شراكة متبادلة، بعيدة عن نماذج الاستعمار الجديد التي ينتهجها البعض

موسكو بين الحنين السوفييتي والطموح العالمي

خطاب لافروف أمام الصحافة العربية لم يخلُ من نَفَسٍ أيديولوجي يذكّر بخطاب موسكو خلال الحرب الباردة. فقد شدّد الوزير الروسي على أن "المرحلة الراهنة تُظهر أن الغرب لم يعد قادراً على الهيمنة على العالم كما في السابق"، داعياً إلى قيام نظام دولي جديد يقوم على "الندية والتوازن

وفي الوقت ذاته، سعى لافروف إلى طمأنة الحضور العربي إلى أن بلاده "ترى في العالم العربي شريكاً حقيقياً لا ساحة نفوذ"، في إشارة غير مباشرة إلى التنافس بين القوى الكبرى على المنطقة

رغم تأجيل القمة، يرى مراقبون أن الخطوة قد تُتيح لموسكو فرصة لإعادة ترتيب أجندتها الدبلوماسية بما يتناسب مع المستجدات الإقليمية. فروسيا التي تواجه ضغوطاً غربية متزايدة بسبب الحرب في أوكرانيا، تدرك أهمية تعزيز تحالفاتها في الجنوب العالمي، والعالم العربي جزء أساسي من هذا التوجّه

أما في العالم العربي، فتتطلع العديد من العواصم إلى توظيف علاقاتها مع موسكو لتحقيق توازن في علاقاتها الدولية، في ظل تحولات النظام العالمي

وختم لافروف لقائه بالتأكيد على أن "القمة الروسية-العربية ستُعقد في أقرب وقت ممكن بعد الاتفاق على الموعد الجديد"، معرباً عن أمله في أن تفتح هذه القمة صفحة جديدة في التعاون بين الجانبين، وتؤسس لشراكة أكثر توازناً في عالم يتغيّر بسرعة

تعليقات