logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

الحج فريضة وضرورة

الحج فريضة وضرورة

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
سيتوجه المسلمون بعد أيام قليلة إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج. وفي مثل هذه المناسبات ننتهز هذه الفرصة لتثقيف الناس حول أهمية هذه العبادة التي تمثل الركن الخامس من أركان الإسلام.

 

ففي البداية نذكر بأن الحجُّ أحد أركان الإسلام الْخَمسة، أوجبَه الله سبحانه وتعالى على المستطيع من عباده في قوله جلَّ شأنُه: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ وهو عبادة العمر، وخِتَام الأَمْر، وتَمام الإسلام وكمال الدِّين، وإنَّما كان بِهذه المكانة؛ لأنَّ الله سبحانه أنزل على نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم في حجَّة الوداع آية الإِتْمام والرِّضا والإكمال في قوله عزَّ مِن قائلٍ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا

وفَضْل الحجِّ عظيم، وحسْبُنا لِنُدرك عظمة هذا الرُّكن أن نَعْلم أنَّ ثوابه الجنَّة؛ فقد قال النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الْحجُّ المَبْرور ليس له جزاءٌ إلاَّ الْجنَّة»، قيل: وما بِرُّه؟ قال: «إطعام الطعام وطيب الكلام»، وأجْدِر بعملٍ يكون جزاؤُه الجنَّة أن تُسارع النُّفوس إلى الحصول عليه وإلى بَذْل الجهد في تحقيقه! والحقُّ أن المسلم حينما يَتْرك بلاده، وأهلَه وماله وأولادَه، ويَسْعى إلى أداء هذه الفريضة مُستهينًا بِمَشاقِّ السَّفر، وتَحمُّل فراق الأهل والأولاد، مضحِّيًا بالمال والرَّاحة، مبتغيًا رِضا الله عنه، فإنَّما يفعل ذلك إدراكًا منه لفضل هذه العبادة الَّتي اجتمع فيها كلُّ ما في ألوان العبادات الأخرى من الأعمال والأفعال، فهَنيئًا لِمَن وفَّقَهم الله لحجِّ بيته الحرام، ورجاء لِمَن لم يتحقَّق له ذلك هذا العامَ أن يُيسِّر الله له السَّبيل إلى الحظوة بهذا الشرف والحصول على هذه النِّعمة التي يفيضها الله على من حجَّ بيته الحرام

والحجُّ فرصة للمُسْلم كَيْ يتدرَّب على عِفَّة اللِّسان، والبُعْد عن الجارح من الكلام، المُسيء للمشاعر والأحاسيس، ذلك النَّهج من الحديث الذي يَدْعو الإسلامُ المسلمَ أن يترفَّع عنه، فالحج فرصة للتدريب العمليِّ على صيانة اللِّسان، والتحلِّي بِمَكارم الأخلاق، وأَخْذ النَّفْس بالسُّلوك السويِّ حتَّى يَعْتاد المسلم ذلك في كلِّ أمور حياته حينئذٍ بِهَيئة الحجِّ لأنْ يكون نُموذجًا فذًّا للإنسانيَّة الراقية السُّلوك، المهذَّبة الأخلاق، الطيِّبة الحديث، الهادية إلى الصِّراط القويم، ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾، فيعِفَّ عن القبيح، ويُقْبل على الحسَنِ الخيِّر من الأقوال والأفعال، والتصرُّفات، وحَسْبُ المؤمنِ فوزًا وفَلاحًا أن يَخْرج من هذه التَّجربة، وقد تطهَّر لسانُه من دنس القول، وتعوَّدَت نفْسُه على السموِّ والرُّقي، وتطهَّر قلبه من شواغل السُّوء، ودواعي الأذى حتَّى تصير تلك سِمَةً لكلِّ أفراد المجتمع المسلم

ويُحدِّثنا الصَّادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلَّم أن الذي يوفِّقه الله لأداء تلك الفريضة، ثم يَسْلَم من الوقوع في الفسوق والرَّفَث والجدال، يكون ذلك بِمَثابة ميلادٍ جديد له، فيعود وقد تطهَّر من كلِّ سوء، كأنَّه وليدٌ جديد، يقول صلوات الله وسلامه عليه: «من حجَّ فلم يَرْفث ولم يَفْسُق، رجع كيوم ولدَتْه أمُّه»؛ متَّفق عليه

فَاحرِصُوا عَلَى فَرَائِضِهِ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيهِ بها، فَإِنَّهَا أَحَبُّ ما يتقرب به العباد إليه سبحانه، وَتَزَوَّدُوا مِنَ النَّوافِلِ وَاستَكثِرُوا مِنهَا يُحبِبْكُمْ وَيُوَفِّقْكُم وَيَجعَلْ لَكُم نُورًا تَمشُونَ بِهِ وَيَغفِرْ لكم، قال تعالى ذِكرُهُ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِليَّ ممَّا افتَرَضتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حتى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سمعَهُ الذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ التي يَبطِشُ بها، وَرِجلَهُ التي يَمشِي بها، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ». نسأل الله أن يوفقنا للعمل لما يحبه ويرضاه

محمد حسين دحلان

باحث في الشريعة الإسلامية

وخطيب في جوامع موروني

تعليقات