إعداد/ محمد أحمد ممادي ✍️
افتتح رئيس الجمهورية غزالي عثمان كلمته بتحية تقدير وإجلال لصنّاع الاستقلال وروّاد الدولة القمرية، مذكّرًا بالدور الحاسم لهؤلاء المناضلين منذ فترة الحكم الذاتي الداخلي التي مهدت الطريق لاستفتاء عام 1974 ثم إعلان الاستقلال الأحادي في 6 يوليو 1975
وقال فخامته "في ذلك اليوم، أعلنت جزر القمر استقلالها في وحدة تامة، تحت علم واحد، وشعب واحد، وسيادة تضم الجزر الأربع: مايوت، أنجوان، موهيلي والقمر الكبرى"، مؤكدًا أنّ الذكرى الخمسين تمثل قبل كل شيء "دعوة للعمل والمضي قدمًا" وليست نهاية المطاف
واستعرض رئيس الجمهورية أبرز محطات العقود الماضية، التي شهدت -بحسب تعبيره- "تقلبات التاريخ" من أزمات سياسية وانقلابات متكررة وأحداث أليمة، لكنها لم تنل من صمود الشعب القمري ورغبته العميقة في العيش المشترك. وأشار إلى أن "الشعب لم يستسلم رغم فترات الانفصال وعدم الاستقرار"، لافتًا إلى ترسيخ التداول السلمي للسلطة منذ العام 2006، ما جعل الدولة تحظى بتقدير متزايد في المحافل الدولية
وفي تقييمه لحصيلة خمسين عامًا من الاستقلال، تطرّق الرئيس غزالي إلى إنجازات في التعليم والصحة والبنية التحتية والطاقة، مشيرا إلى: ارتفاع معدل الالتحاق الإجمالي بالتعليم الابتدائي إلى أكثر من 97%. انخفاض وفيات الأطفال إلى النصف خلال عشرين عامًا، وارتفاع معدلات التطعيم إلى أكثر من 85%. تطوير المستشفيات والمراكز الصحية، وإطلاق مشروع التأمين الصحي الشامل للفئات الأكثر هشاشة. تحسن الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 1.4 مليار دولار في 2024، مقارنةً بأقل من 300 مليون في التسعينيات. ارتفاع نسبة التغطية بالكهرباء من 40% في 2010 إلى نحو 70% في 2024، وتحسن نسبة السكان المستفيدين من مياه الصالح للشرب إلى أكثر من 65 بالمائة
الشباب والمغتربون… ركيزة الحاضر والمستقبل
خصّ الرئيس غزالي الشباب والمغتربين بتحية خاصة، واصفًا إياهم بـ"محرك التقدم والابتكار" في مسيرة بناء دولة حديثة مزدهرة ومنفتحة على العالم. منوها بدور تحويلات المغتربين، التي تصل إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وتُستخدم في الاستثمار بالتعليم والصحة والمشاريع المجتمعية
كما شدد على أهمية منح الشباب فرصًا تتناسب مع قدراتهم وطموحاتهم، معتبرًا ذلك جزءًا من "خطة جزر القمر الصاعدة" الهادفة إلى تحديث البنى التحتية، تطوير الاقتصاد الرقمي، دعم ريادة الأعمال، واستغلال قطاعات الزراعة والصيد البحري والسياحة والاقتصاد الأزرق كدعائم للتنمية المستدامة
وأقرّ رئيس الجمهورية باستمرار تحديات مثل الفقر وبطالة الشباب والاقتصاد غير الرسمي، مشيرًا إلى ضرورة تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي. وقال: "الفقر لا يزال يمس عددًا كبيرًا من القمريين، وبطالة الشباب تبقى أولوية قصوى
كما دعا القمريين إلى التمسك بالوحدة الوطنية وتجاوز الانقسامات، والعمل سويًا لمواجهة تحديات العقود المقبلة، مشيدًا بدعم الدول الصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية لمسيرة البلاد
جزيرة مايوت والرسالة الختامية
وجدّد الرئيس غزالي عثمان في كلمته التذكير بقضية جزيرة مايوت القمرية الواقعة تحت الاحتلال الفرنسي، مؤكدًا أن الاستقلال الحقيقي يشمل وحدة جميع الجزر الأربع تحت السيادة القمرية. واستعرض فخامته دور بلاده في المحافل الدولية، مثل رئاسة الاتحاد الإفريقي، والمشاركة في قمم عالمية كقمة (كوب28) والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجموعة البريكس والاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين
واختتم خطابه بالتأكيد على أنّ الذكرى الخمسين هي "مرحلة لتعزيز الإنجازات ورفض الانقسامات وبناء دولة حديثة مزدهرة منفتحة على العالم"، داعيًا الجميع إلى "الإيمان بأنفسهم، والاستثمار في الشباب، وحماية البيئة، وتحويل جزر القمر إلى نموذج إفريقي في الإيجابية والمرونة والكرامة المستعادة". وقال: "مستقبل جزر القمر مسؤولية الجميع… فلنكن معًا في مستوى تضحيات أسلافنا وآمال أبنائنا