الوطن: سعادة السفير، تم في الأسبوع الماضي انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين جزر القمر ودولة الإمارات، فماذا ننتظر من نتائج انعقاد هذه الدورة ؟
السفير كليم: نعم تم انعقاد أول اجتماع للجنة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية القمر المتحدة خلال الفترة ما بين 22 نوفمبر إلى 7 ديسمبر 2020 وترأس الجانب القمري معالي ظاهر ذو الكمال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ومن الجانب الإماراتي معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، هذا بعد أسبوعين من أعمال تحضيرية للجان الفرعية من كلا البلدين والتي كنت رئيسا للجانب القمري. ويمكن تحديد النتائج المنتظرة جراء إنشاء هذه اللجنة المشتركة بين البلدين من زاويتين، إذ هناك نتائج ضمنية لهذه اللجنة ونتائج تلقائية. فالنتائج الضمنية تكمن في: تقوية الصلات الأخوية وتعزير الروابط التاريخية العريقة المتميزة التي تجمع البلدين الشقيقين منذ عهود. تتويج مجالات التعاون وتطويرها إلى مستوى استراتيجي ملموس للشركة. أما النتائج التلقائية فهي: امكانية التوقيع على الاتفاقية التعاونية العامة بين البلدين والتي من المفترض أن تنبثق اللجنة المشتركة وتتفرع الاتفاقيات الاطارية والبروتوكولات ومذكرات التفاهم منها، حيث أن اللجنة المشتركة هي آلية من آليات التنفيذ على الاتفاقيات. ومن أهم نتائج اللجنة هي دفع عجلة المتابعة بآلياتها على نصوص الاتفاقيات والمحاضر والبروتوكولات حتى لا تكون حبرا على الأوراق
الوطن: قد تم خلال أعمال اللجنة المشتركة، التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين، هل يمكنكم الحديث عن البنود الرئيسية التي وردت في هذه المذكرة ؟
السفير كليم: عقب انتهاء أعمال أول اجتماع اللجنة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية القمر المتحدة تم بالفعل التوقيع على محضر الاجتماع الأول للجنة المشتركة، وتم أيضا التوقيع على مذكرة التفاهم لإنشاء لجنة وزارية مشتركة بين وزارتي خارجية البلدين، وأهم بنود محضر الاجتماع الذي هو تمهيد لبنود الاتفاقية العامة المرتقبة هي: التعاون في المجال الدبلوماسي والتعاوني. التعاون في المجال الدفاعي والأمني. التعاون في المجال الاقتصادي والتنموي. والتعاون في المجال الثقافي والاجتماعي. أما مذكرة التفاهم التي وقعت فهي خاصة بين وزارتي خارجية البلدين وتختص في آلية التعاون والتشاور على مستوى الوزارتين
الوطن: ما ضمانات تحويل ما تم الاتفاق عليها بين الجانبين إلى أمر ملموس حتى لا تكون حبرا على الورق؟
السفير كليم: إذا قرأنا بإمعان صفحات العلاقات الدبلوماسية والتعاونية نجد أن الاتفاقيات والبروتوكولات المبرمة بين دولتنا ومثيلاتها في هذا الشأن معظمها بقي حبرا على الأوراق وذلك لسببين رئيسيين
السبب الأول اعوزاز المتابعة والاستمرارية الفنية والإدارية، فكانت النزعة السياسية تهيمن على خلفية التوظيف
السبب الثاني: انعدام الرؤية وخطوط الأولويات، فطغت الارتجاليات على التخطيطات. وهذا ما يبعث القلق والوقوق إلى مثل هذه التساؤلات، وأنا أرى أن الضمانات تتحقق في هذه الفترة لتحويل الاتفاقيات المبرمة إلى واقع ملموس بدلا من مجرد أوراق مكتوبة، لأن النظام الحالي بقيادة الرئيس غزالي يجتهد لتفادي الأخطاء السابقة، فرؤية الحكومة لجعل جزر القمر دولة صاعدة بحلول عام 2030 ... بالإضافة إلى الاستراتيجية المرسومة للحكومة حول تفعيل المتابعات وغيرها من آليات وتنسيقات قائمة وفعالة، كل ذلك كفيلة لتقديم الضمانات وصيرورة الاتفاقيات الجديدة إلى واقع ملموس ورؤية النور
الوطن: بعد انعقاد اللجنة المشتركة الأولى بين جزر القمر والإمارات، ماذا تتوقعون عن العلاقات المستقبلية بين البلدين؟
السفير كليم: عند إنشاء لجنة مشتركة عليا بين بلدين شقيقين أو صديقين، يعني هذا: تقوية الأواصر والروابط التاريخية الجامعة بين البلدين. تتويج مجالات التعاون. رفع مستوى الشراكة إلى أعلى المراتب. بمعنى أن العلاقات القمرية الاماراتية ستفتح صفحة جديدة للشراكة بالمصالح المشتركة، وستشهد العلاقات القمرية الاماراتية قفزات تنموية واقتصادية خاصة
الوطن: ما المشاريع التنموية الجديدة التي سيتم تنفيذها في القريب العاجل بتمويل إماراتي؟ وما هي التكلفة الإجمالية لهذه المشاريع؟
السفير كليم: نعم هناك مشاريع تنموية جديدة ومحددة وفق الرؤية الحكومية لجعل جزر القمر دولة صاعدة لغاية 2030، حيث وضعت الحكومة سلم مشاريعها الأولوية وفق الرؤية التنموية التي تبناها مؤتمر شركاء التنمية في جزر القمر بباريس. وكانت دولة الامارات العربية المتحدة في مقدمة الدول المانحة لهذا المؤتمر، تجلى ذلك في التعهد الذي أخذته دولة الامارات أمام المؤتمرين لتمويل مشاريع عديدة بمجالات مختلفة وبالأخص: القطاع الصحي، والطاقة، ومشاريع البنية التحتية، والتنمية والاستثمار الخ... ولا يحضرني بالضبط مجمل التكلفة التي أعلنتها دولة الإمارات في مؤتمر باريس لتمويل مشاريعها في جزر القمر، والذي أذكره بالضبط خمسين مليون دولار الذي وقعه صندوق أبو ظبي للتنمية قبل انعقاد مؤتمر باريس للتمويل على مشاريع تنموية عديدة بما فيها الطاقة ومشروع مركز التأهيل المهني متخصص في التشييد والبناء
الوطن: قامت عدد من الدول العربية خلال الفترة الأخيرة بالتطبيع مع إسرائيل، فهل ترون أن جزر القمر ستحذو حذو هذه الدول؟
السفير كليم: هناك اشكالية سياسية دبلوماسية يجب تفكيكها، وكثيرا ما تخلط أوراقها في الشارع السياسي، وهي الفرق بين المبادئ والمصالح. فالقضية المبدئية موقفها معها لا تتغير ولا تتبدل مهما كانت الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، أما المصالح فهي التي تتبدل وتتغير وفق استراتيجية التيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمن الوطني، ونحن هنا عندما نذكر التطبيع مع إسرائيل الذي هو أمر يخضع للمصالح يتبادر إلى الأذهان القضية الفلسطينية التي مواقفنا معها هي مبادئ ثابتة، ومن هنا تبرز الإشكالية. وأنا أعلم علم اليقين أن لكل دولة ذات سيادة لها حرية التصرف ودراسة الإشكاليات وعدم الخلط بين ما هو مبدئي وما هو مصلحي، ومن ثم البحث عن مصالحها كما تحافظ على مبادئها على حد سواء. فالتطبيع مع إسرائيل مسالة مصلحة، فالدول الإسلامية والعربية التي قامت بالتطبيع هي دول قد درست الإشكالية وقدرت حجم المصالح فأخذت قرارها، أنا على ثقة ويقين أن زعمائنا على قدر من المسؤولية والحنكة قادرون على دراسة الإشكالية وتقييم حجم المصلحة والخسارة ثم البت في المضي أو عدم المضي. ولا قلاقل لمن قاموا بالتطبيع لأنه هو أمر يخضع للمصلحة، ما دامت المبادئ تجمع الدول العربية والإسلامية إزاء القضية الفلسطينية