وكان الشيخ عبد الله مكي محمد، رجل صالح ومحسن ومتصدق وهب حياته وروحه، لخدمة شباب الإسلام وطلاب العلم. كان أمة من الناس داعية فريد من نوعه، حيث عاش ناصحا وموجها وداعما ومتفقدا الحال ومصلحا للعقول والأحوال. وكان سندا للمنقطعين والضعفاء من الطلاب الوافدين الدارسين في بلاده، كان حفيا بهم وهم غرباء الديار والوجه واللسان، يوفر لهم الملجأ والمسكن والغذاء والكساء والدواء وسبل الدراسة
وقد تخرجت على يديه أجيال كثيرة من الدعاة السودان وغيرها، وقد رعى الطلاب الوافدين من دول العالم الإسلامي وأفريقيا وآسيا وخصوصا الذين يتلقون تعليمهم في الجامعات السودانية. يكفيه شرفا أنه يُسكن الطلاب في بيته ويطعمهم من طعامه كانوا أبناءه بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. أنفق قيمة مزرعته الخاصة لبناء سكن داخلي لاستضافة ومبيت هؤلاء الطلاب الوافدين. وأسهم الفقيد في بناء مئات من المساجد والآبار والمدارس والجمعيات الخيرية بالسودان وأفريقيا
والمرحوم هو المؤسس لمنظمة رعاية الطلاب الوافدين في السودان في تسعينات القرن الماضي وتخصصت في توفير المنح والسكن ومصاريف الدراسة والإعاشة والرعاية لعشرات الآلاف من الطلاب الأفارقة والآسيويين. وكان للراحل جهود رائدة ومتميزة في رعاية الطالبات المهاجرات للدراسة في السودان، كان يوفر لهن المأوى في داخليات يتكفل برعايتها والإشراف عليها. كما قام قبل ذلك بإنشاء الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالسودان والسعودية وأحد القيادات التاريخية للحركة الإسلامية في السودان
وشارك في إدارة العديد من المنظمات والمؤسسات والجامعات ما بين مؤسس ورئيس مجلس أمناء أو مجلس إدارة أو عضو فيها أو أقوى الداعمين لها، كدار مصحف أفريقيا، وجامعة أم درمان الإسلامية، وجمعية القرآن الكريم، ومعهد مبارك قسم الله للتدريب والبحوث، والشهادة الثانوية العالمية وجامعة أفريقيا العالمية والمنبر العالمي لمنظمات الطلبة الدوليين ورئيس المؤتمر العالمي للزكاة بالسودان، ومنظمة الدعوة الإسلامية والجامعة الوطنية
منحوه كنبة أبو القمريين
وسخر الراحل نفسه لأجل راحة الطلبة القمريين حتى منحوه كنية "أبو القمريين"، نتيجة لخدماته الجليلة غير المنقطعة منذ عام 1992. وأولى عنايته ورعايته خاصة طالبات القمريات، فقدم لهن السكن والرعاية اللازمة وبلغ حبه لهن إلى درجة التنازل عن جزء من سكنه الخاص لإسكان القمريات، وقال لهن ولإخوانهن "إن السودان وطن لكم". وكان الفقيد الراعي الأساسي لداخلية أبو بكر الصديق الخاصة للطلاب القمريين (البنين) في حي السلمة في العاصمة الخرطوم وكانت تستوعب هذه الداخلية 30 طالبا. ودعم الشيخ بالقوة اتحاد طلبة جزر القمر بالسودان فكرية ومادية، من بداية تأسيسها حتى وفاته، وهو الذي شجع في بناء مقر الاتحاد بحي جبرة، كما وقف مع مجلس الطلبة القمريين للدراسات العليا بالسودان، من حيث التوجيه والإرشاد والنصائح، ووفر له كل التسهيلات اللازمة من أجل القيام بدوره
وكان للمرحوم زيارات متعدة لجزر القمر للمشاركة في تقديم ندوات ومحاضرات علمية والإشراف على دورات تدريبية في جامعة جزر القمر وخاصة في كلية الامام الشافعي التي اهتم بها اهتماما كبيرا. ووثقت علاقته بالشعب القمري والبحث مع الدعاة والشيوخ القمريين حول مستقبل الدعوة في ظل التحديات التي تواجهها في العالم المعاصر، كما تعامل كثيراً مع الجمعية الخيرية للمرأة القمرية التي أسستها القمريات العائدات من السودان. ويعود آخر زيارة للشيخ عبد الله مكي إلى الأرخبيل إلى عام 2020م، حيث كان من المفترض أن يزور موروني هذا العام إلا أن الموت لم يمهله
والجدير بالذكر، أن عبد الله مكي صادق ولد في السودان عام 1943، ودرس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعة في السودان وغيرها، وحضر العديد من المؤتمرات وندوات في عدد من الدول، وعمل مدرسا في مادة الرياضيات في السودان وفي المملكة العربية السعودية، وهو أب الأولاد والبنات