وتفوّق ولد التاه على أربعة مرشحين، أبرزهم الزيمبابوي صامويل مونزيل مايمبو، الذي تصدر الجولة الأولى بدعم من المساهمين غير الإقليميين. لكن الموريتاني حظي بدعم قوي من الدول الإفريقية الأعضاء، ما عُدّ تعبيرًا عن رغبة في تعزيز القيادة الإفريقية داخل المؤسسات المالية القارية

وتنافس معه في الانتخابات كل من السنغالي أمادو هوت، التشادي محمد عباس تولي، والجنوب إفريقية بجابوليل سوازي تشابالالا. وسيبدأ ولد التاه مهامه رسميًا نهاية أغسطس المقبل، خلفًا للنيجيري الدكتور أكينومي أديسينا، لولاية مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة

ويملك الرئيس الجديد خبرة طويلة في الشؤون الاقتصادية والمالية، إذ شغل منصب المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا (باديا)، وكان أيضًا وزيرًا للشؤون الاقتصادية والتنمية في موريتانيا

حضور قمري رفيع المستوى

شاركت جزر القمر في الاجتماعات السنوية بوفد رسمي تقدّمه الرئيس غزالي عثمان، وضم كلًا من وزير المالية إبراهيم محمد عبد الرزاق، ومحافظ البنك المركزي يونس بن إيمان، والمفوضة العامة للتخطيط نجدة سيد عبد الله، إلى جانب ممثلين عن 81 دولة وأكثر من 6000 مشارك، من رؤساء دول وحكومات، ووزراء، ومحافظي بنوك مركزية، وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني

ناقش المشاركون قضايا محورية أبرزها: سبل تمويل التنمية المستدامة، إصلاح النظام المالي العالمي، تحفيز الاستثمار في البنية التحتية، تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، تعبئة الموارد المحلية: البشرية والطبيعية والمالية. وشكل شعار الدورة دعوة لتسخير الإمكانات الذاتية الإفريقية لدفع التحول الهيكلي، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، وتنمية الأسواق الداخلية، وتنويع الشراكات التجارية

رؤى وخطط من القادة الأفارقة

في جلسة حوارية رفيعة، شارك فيها كل من رئيس غانا جون دراماني ماهاما، ورئيس جمهورية القمر المتحدة غزالي عثمان، ونائب رئيس تنزانيا فيليب مبانغو، ورئيس وزراء النيجر علي الأمين زين، تبادلوا قصص النجاح الوطني. واقترحوا استراتيجيات لتعميق التجارة البينية الأفريقية، وتعزيز أنظمة الطاقة والنقل، وتوسيع نطاق تعبئة الموارد المحلية، وهي مجالات رئيسية مستهدفة لضمان تحقيق أفريقيا لإمكاناتها الاقتصادية

ومن أبرز ما طُرح: رئيس غانا: أكد انخفاض نسبة الدين، ودور بلاده كمركز تجاري محوري في غرب أفريقيا

الرئيس القمري: شدد على دور المغتربين القمريين، الذين يمثلون 50% من السكان، في دعم الاقتصاد الوطني، معلنًا عن مبادرات لتسهيل قنوات الاستثمار من الخارج

نائب رئيس تنزانيا: تحدث عن مشروع طاقة كهرومائية ضخم وتمويل محلي مبتكر باستخدام سندات وصناديق تقاعد

رئيس وزراء النيجر: أعلن تحقيق الاكتفاء الغذائي للمرة الأولى منذ 60 عامًا، مع توقعات نمو اقتصادي بنسبة 7.4%

وكان التكامل الإقليمي موضوعًا مهيمنًا طوال الجلسة، إذ أشار القادة إلى مبادرات البنية التحتية الرئيسية، من الطريق السريع العابر للصحراء إلى شبكات الطاقة العابرة للحدود، باعتبارها ضرورية لتعزيز التجارة والاتصال. كما ركزت المناقشات أيضاً على إسماع صوت أفريقيا في مجال التمويل العالمي وتوسيع القوة التفاوضية الاقتصادية للقارة

وداع مؤثر لأكينومي أديسينا

ألقى الدكتور أكينومي أديسينا خطابًا مؤثرًا، استعرض فيه إنجازاته خلال عشر سنوات من قيادة البنك، شملت دعمًا بقيمة 91 مليار دولار، وتحسين حياة 565 مليون شخص، واستثمارات ضخمة في الطاقة والبنية التحتية والشمول المالي. ودعا القادة الأفارقة إلى الاعتماد على الذات وتسخير إمكانات القارة لبناء مستقبل مزدهر

وفي كلمة ترحيبية له خلال افتتاح الاجتماعات، شدد رئيس كوت ديفوار، الحسن واتارا، على ضرورة أن تمول أفريقيا مستقبلها بإمكاناتها الذاتية، بعيدًا عن الاعتماد على الخارج. وقال واتارا أمام حضور رفيع المستوى ضم رؤساء دول وحكومات، ووزراء، ورؤساء مؤسسات تنموية، وممثلي المجتمع المدني: "لا يمكننا الاستمرار في انتظار الغرباء. يجب أن نبني طرقنا ومدارسنا ووظائفنا برؤوس أموالنا. لقد حان الوقت لنستثمر في أنفسنا". وأشار واتارا إلى أن الاجتماعات السنوية لهذا العام تمثل أيضًا مناسبة لتكريم جهود الدكتور أكينومي أديسينا، الذي يختتم ولايته الثانية على رأس البنك الإفريقي للتنمية في نهاية أغسطس المقبل، بعد عقد من العمل