وأعلنت الإمارات نجاح إطلاق "أطول مهمة فضائية عربية" من مركز كينيدي للفضاء في ولاية فلوريدا الأمريكية إلى محطة الفضاء الدولية. وقالت وكالة الأنباء الإماراتية "انطلقت أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب، والتي يخوضها رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي لمدة 6 أشهر، لإجراء 19 تجربة بحثية. ووفق الوكالة، انطلقت المهمة التي حملت اسم "كرو 6" على متن مركبة الفضاء "دراجون" حاملةً النيادي وفريقه من مجمع الإطلاق رقم (A39) في مركز كينيدي. ولم يسبق لأي رائد فضاء عربي أن قضى هذه المدة في الفضاء. ونجح مركز محمد بن راشد للفضاء، بإطلاق المهمة الثانية لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء، إلى محطة الفضاء الدولية
رؤية مستقبلية
وقال رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء حمد عبيد المنصوري "لقد نما قطاع الفضاء في دولة الإمارات بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي، من خلال الرؤية المستقبلية لقيادتنا الرشيدة، وظهر ذلك عبر تحقيق إنجازات كبيرة، مثل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ومشروع الإمارات لاستكشاف القمر، والآن نحن على موعد مع أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب". وأضاف أننا "ملتزمون باستكمال البناء على ما حققناه، والاستمرار في توسيع برنامجنا الفضائي، ومواصلة إعداد رواد الفضاء. لقد نجحنا من خلال برنامج الإمارات لرواد الفضاء، في تمكين مستقبل مستدام، كما أنه من خلال المهمات غير المأهولة للكواكب، يُمكننا العمل مستقبلًا على إرسال بعثات مأهولة إلى الفضاء، وما بعده"
هذه المهمة ستجعل دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة الحادية عشرة، والأولى غير عضو بمحطة الفضاء الدولية، التي ترسل رواد فضاء في مهمة طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية، بالإضافة إلى تدريبهم وإعدادهم للسير في الفضاء.
إنجاز جديد
من جانبه، أكد المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء سالم المري، على أهمية تلك المهمة، قائلًا "ترسي دولة الإمارات أسس هذا القطاع الحيوي من خلال تزويده بالكوادر الوطنية المؤهلة، وإطلاق المزيد من المشاريع العلمية المتعلقة باستكشاف الفضاء، ودعم الرؤى الاقتصادية. وتلعب المهمات الفضائية طويلة الأمد دورًا حاسمًا في تعزيز فهمنا للفضاء، وقدرتنا على استكشافه، والاستفادة منه في المستقبل"
وقال سالم المري "بعد 5 سنوات من إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء، نجحنا في إرسال هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، ونقوم الآن بإرسال سلطان النيادي إلى محطة الفضاء الدولية في مهمة تستمر لمدة 6 أشهر. ولن تكون مجرد أول مهمة طويلة الأمد يقوم بها رواد الفضاء لدينا، بل تكون أيضًا الأولى من قبل دولة غير شريكة لمحطة الفضاء الدولية، وهو إنجاز جديد بحد ذاته. فمهمة سلطان هي الخطوة التالية في رؤيتنا للبعثات المأهولة لدولة الإمارات، حيث نستهدف أن يكون الثنائي نورا المطروشي، ومحمد الملا، في قيادة مهمات الإمارات المستقبلية"
طموح زايد 2
وانطلقت المهمة ضمن البعثة 69 إلى محطة الفضاء الدولية، والتي تعمل على تركيب الأجزاء النهائية لـ"إروسا"، وهي الألواح الشمسية التي يتم تركيبها في محطة الفضاء الدولية، بالإضافة إلى إجراء التجارب والأبحاث العلمية. ويضم الطاقم الاحتياطي للمهمة كل من: هزاع المنصوري، اختصاصي مهمة، وجاسمين موغبيلي، قائد المهمة، ناسا، وأندرياس موغنسن، قائد المركبة، وكالة الفضاء الأوروبية، وكونستانتين بوريسوف، اختصاصي مهمة، روسكوزموس
وبوصول النيادي إلى محطة الفضاء الدولية، يكون أمامه جدول زمني مكثف من التجارب، ووقت محدد للاتصالات المباشرة، مع مختلف الجهات، والجامعات، والمدارس، حيث يجري 13 مكالمة مباشرة، و10 اتصالات عبر الراديو، يتم إجراؤها تباعًا، لبرنامج التواصل المجتمعي مع مؤسسة الإمارات للآداب، والذي سيتم تخصيصه على مدار الستة أشهر القادمة
الأبحاث العلمية والتعليمية
خلال 4 آلاف ساعة عمل على متن محطة الفضاء الدولية، يجري سلطان النيادي أكثر من 19 تجربة بحثية، ودراسات متقدمة، بالتعاون مع وكالة ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، والمركز الوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية "جاكسا"، تشمل مجموعة من المجالات، أبرزها نظام القلب والأوعية الدموية، وآلام الظهر، واختبار وتجربة التقنيات، وعلم "ما فوق الجينات"، وجهاز المناعة، وعلوم السوائل، والنبات، والمواد، إضافة إلى دراسة النوم، والإشعاعات
كما تشمل المهمة جانب التوعية التعليمية، من أجل إلهام الجيل القادم من العلماء والباحثين، حيث اختار مركز محمد بن راشد للفضاء، مشروعين بحثيين من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، سيركز المشروع الأول على تقييم تأثير بيئة الجاذبية الصغرى في الفضاء على التفاعل بين القلب ووضعية الجسم، بينما يعمل المشروع الثاني على دراسة خلايا الفم والأسنان على الأرض في بيئة تحاكي الجاذبية الصغرى. سيشارك في كلا المشروعين عدد من الطلاب والباحثين؛ لضمان تطوير القدرات، وتأهيل جيل جديد من العلماء
سلطان سيف النيادي في السطور
وُلد سلطان في 23 مايو 1981 في منطقة أم غافة (30 كيلومتراً جنوب شرق مدينة العين) حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي. تميّز النيادي في تعليمه وتفوّق بين زملائه. تبعاً لخطى والده، الرجل العسكري، التحق النيادي في القوات المسلحة التي ابتعثته لدراسة هندسة الاتصالات. بدأ مشواره العلمي العالي في المملكة المتحدة، تحديداً في جامعة برايتون وحصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الاتصالات وتقنية المعلومات
رجع إلى دولة الإمارات وبدأ العمل لدى القوات المسلحة ليناديه شغفه بالتعليم مرة أخرى ويتوجه إلى أستراليا هذه المرة لتلقي شهادة الماجيستير عام 2008 في تخصص أمن المعلومات من جامعة غريفيث الأسترالية. رجع سلطان كمهندس أمن شبكات لدى القوات المسلحة، وزار بحكم عمله أكثر من عشرين دولة حول العالم. في بداية عام 2012 دعاه الشغف مرة أخرى إلى الدراسة لاستكمال علمه في نفس مجاله، أمن المعلومات. وعاد إلى أستراليا لمدة 5 سنوات حصل في نهايتها على درجة الدكتوراه في تخصص منع تسريب المعلومات ونشر خلالها 6 أبحاث في مواقع عالمية متخصصة
في عام 2021، أتمَّ رائد الفضاء سلطان النيادي بنجاح السنة الأولى من التدريبات في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا، وهو جاهز حاليًا للعمل بصفة مشغِّل على متن محطة الفضاء الدولية. أنهى النيادي التدريبات في مختبر الطفو المحايد، وتقييمًا حول استخدام بدلة السير في الفضاء، وصيانة محطة الفضاء الدولية، وإنقاذ رواد الفضاء في حالات الطوارئ، وأكمل حصصًا نظرية وتدريبات عملية على طائرة (T-38) حصل سلطان على شارة رواد الفضاء من مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا بعد إتمامه التدريبات العامة التي استمرت نحو 20 شهراً