logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

تعميم النظام المالي في المجتمع عن طريق الزكاة.. ماليزيا أنموذجا

تعميم النظام المالي في المجتمع عن طريق الزكاة.. ماليزيا أنموذجا

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
لقد شرع المولى عز وجل الزكاة، وجعلها الركن الثالث من أركان دينه وشرعه، لما به من أهمية عظيمة في استقامة المجتمع من الناحية المالية والاقتصادية والمعيشية، إذ أن الجسم لابد من أن يكون صحيحا قويا سليماً من جميع الأمراض والجوع، ليقوم بدوره الكامل في العبادة وإعمار الأرض، لذا حارب النظام الإسلامي عن طريق الزكاة الفقر، وبها يسهم المزكي في رفع المجتمع المسلم من العوز والفاقة إلى التنمية والإنتاج.

 

ومن هنا نجد أهمية تنمية أموال الزكاة وإنشاء المشاريع التنموية من خلالها، ليكون الفقير قادرا على المساهمة في المجتمع ولا يكون عالة على أحد، ذلك أن اليد العليا في العطاء والبذل، خير من اليد السفلى الذي يشعر بذل الأخذ الدائم، من غير أن يكون له أثر ملموس في مجتمعه ودينه. فمعنى الزكاة في اللغة: هو النَّماء والرَّيْعُ، أما معناه في الشرع: هو "اسم لما يُخرج عن مال أو بدنٍ على وجه مخصوص". بينما الاستثمار في اللغة هو طلب الثمر، وفي الشرع هو: العمل على تنمية أموال الزكاة لأي أَجَل، وبأية طريقة من طرق التنمية المشروعة لتحقيق منافع للمستحقين

ضوابط جواز استثمار أموال الزكاة

وقبل الشروع في ذكر طرق تعميم النظام المالي في تنمية أموال الزكاة، لابد من ذكر الضوابط التي وضعها الفقهاء والعلماء المعاصرين، لجواز تنمية واستثمار مال الزكاة. فقد اختلف العلماء في هذا الأمر على قسمين

قوم يرى عدم جواز ذلك، وبهذا أفتى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، وقالوا: "بأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء، ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيرا عن المستحقين"، ولأنه ينبغي توزيعه في الحال وقت استحقاقه، واستثمار الأموال لا يحقق هذا الشرط، لقوله تعالى ﴿وآتوا حقه يوم حصاده﴾ [الأنعام: 141]. وقسم آخر لا يرى مانعاً من استثمار أموال الزكاة للحاجة إلى ذلك، وخاصة في هذا العصر، منهم الدكتور يوسف القرضاوي، كما قرر ذلك مجمع الفقه العالمي "يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة". كما أنه روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله «إذا أعطيتم فاغنوا» أي في الصدقة، وهو حث على إغناء الفقير وعدم إلجائه إلى السؤال، مما يدل على أن الهدف من الزكاة هو الإثراء، ودفع العوز

وقد ذكر من أجاز استثمار أموال الزكاة، ضوابط معينة ينبغي توفرها وهي: تغطية الحاجات المستعجلة للفقراء والمساكين وبقية المستحقين للزكاة. استثمار أموال الزكاة في مجالات مشروعة. دراسة المشاريع التي يراد الاستثمار فيها، وأن يغلب الظن فيها الربح. أن يكون هذا العمل من ولي الأمر أومن ينوبه أو من أيدٍ أمينة، ووجود رقابة ومحاسبة مالية لمنع التلاعب بها. أن ينتفع من الأموال المستثمرة وأرباحها المستحقون للزكاة فقط

طرق الاستفادة من النظام المالي للزكاة في المجتمع

تعددت طرق ومجال استثمار أموال الزكاة، نظرا لتعدد حاجيات الفقير المعيشية والضرورة الملحة نحو الأغراض التي يريدها المستفيد من أموال الزكاة، لذا نتحدث عن طرق تنمية أموال الزكاة عبر الحاجات التي قد يعتازه المستفيد. إلا أنه قبل الشروع في الحديث عن مجال التنمية لمال الزكاة في المجتمع، لابد من ذكر بعض الأمور الخاصة في كيفية نشر الوعي لهذا الركن العظيم من الدين

أهمية تعريف المجتمع وتوعيته بضرورة دفع الزكاة

إن توعية المسلم القادر على دفع الزكاة أمر مهم للغاية لأجل الاستفادة من أموال الزكاة، ذلك أنه لا يمكن استثمار واردات الزكاة من غير أن يكون هناك مزكي، ومن هنا نجد أن التجربة الماليزية قامت على نشر الوعي وتكثيف الدعاية على دفع أموال الزكاة بنشر الدروس الدعوية في جميع المؤسسات الاجتماعية والمساجد، وبالتالي رفع مستوى الفهم لهذا الركن من أركان الدين الحنيف. فقد يكون الإنسان يمتلك المال ولا يعلم أنه ينبغي عليه أن يزكي، لعدم الفهم أو معرفة كيفية ذلك، فعندما يجد من يقوم بذلك سيدفعه إلى دفع ما عليه من حق الزكاة لمستحقيها. وكذا إقامة الندوات التلفزيونية ومناقشة مسائل دفع الزكاة ومقدارها وما هي الفوائد التي تعود إلى المجتمع بعد جمع الزكاة من مستحقيها واستثمارها

إنشاء مكتب أو لجنة لتقصي أموال الزكاة

قد يملك المسلم مالا يستحق أن يدفع زكاته إلا أنه لا يملك العلم الكافي لحساب ما يستحقه من الزكاة، لذا تعين إنشاء صندوق خاص لحساب مقدار الزكاة ليسهل جنبي وجبي المال من المستحقين. وهذا أول ما قام به الماليزيون فقد أنشأوا صندوقاً خاصا لجمع الزكاة وحصر المستفيدين في كل ولاية، ليسهل عملية التوزيع على المستفيدين. "فوفقا لبينات الصندوق قد بلغت عائدات الزكاة في ثلاث ولايات فقط عام 2009: نحو 242 مليون رنغت (77 مليون دولار) مقارنة بالعام 2008 حيث كانت العائدات فيها نحو: 1.04 مليار رنغت (300 مليون و200 ألف دولار)" فترى الفرق الشاسع بين هذين الرقمين بسبب تثقيف المجتمع والدعاية وتكثيف المشاريع الاستثمارية

الثقة والصدق والأمانة لدى الجهة التي تجمع أموال الزكاة

ذلك أن المزكي إن لم يكن واثقا أن ماله سيصل حقا إلى المحتاج المستحق، لن يقوم بدفع أمواله، لذا وجدنا أن طرق جبي الزكاة كانت تتم عبر مصرف معروف بتعامله على الطريقة الإسلامية أو عبر صندوق الزكاة مباشرة مع وجود وصل للمبلغ المدفوع وتوقيع للجهة المستلمة

الدكتور سيد أحمد مدهوم

دكتوراه في قسم المعاملات المالية المعاصرة

تعليقات