ولد الشيخ أبو بكر في 13 نوفمبر 1948، وتلقى تعليمه الأول في مسقط رأسه مدينة سالمان، ثم سافر صبيا إلى زنجبار ومنها اليمن السعيد، توجه بتأشيرة حاج مع وفد من الحجاج الحضرميين إلى الديار المقدسة بداية الستينات، اتصل بالمسئولين في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة فأبدوا استعدادهم لقبوله، إذا حوّل تأشيرة الحج التي دخل بها إلى تأشيرة طالب، فاتصل بسماحة الشيخ عبد الله بن باز -طيب الله ثراه- رئيس الجامعة يومئذ وشرح له الموضوع، فرفع الشيخ ابن باز الأمر للمقام السامي، بولي العهد السعودي يومئذ، صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه، فوجّه شرطة الحدود بإصدار تأشيرة طالب للفتى القمري أبو بكر بن عبد الله جمل الليل، ليكون أول قمري يلتحق بالجامعة، حصل منها على الإجازة العالية في علوم الشريعة دفعة عام 1972، وعاد في نفس السنة إلى البلاد
تزوّج سماحته من ابنة عمه عليّة بنت سيد علي بن طيب جمل الليل، وله منها ذريته: خمسة أبناء وبنت واحدة، أما زوجته الثانية من موروني العاصمة فليس له منها ذرية، تزوّجها وقد بلغا من الكبر ما بلغا
أنشأ الشيخ أبو بكر بعد رجوعه مدرسة إسلامية لتعليم اللغة العربية والعلوم الشرعية، وفد إليها طلاب العلم وعشّاق العربية من معظم المناطق، وقام بتزكية كثير منهم ليلتحقوا بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وبالجامعات السعودية الأخرى في عقد الثمانينات، أذكر منهم معالي وزير الخارجية صيف محمد الأمين، ومحمد شيخ علي، والدكتور سعيد برهان عبد الله، والشيخ عبد الله بكر صالح، والأستاذين أحمد سعد مافو وأبو بكر مسيليا.....الخ، من أجل ذلك ما انفك الشيخ أبو بكر وفيا للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا متعلقا بعلمائها الذين تتلمذ على أيديهم مثل: سماحة الشيخ عبد الله ابن باز، مفتي عام المملكة، والشيخ عطية محمد سالم، القاضي بمحكمة المدينة المنورة، والشيخ العباد، المحدث في الحرم النبوي، والشيخ شيبة الحمد، المدرس بالمسجد النبوي، وكثيرا ما أعرب عن عظيم تقديره لمبادرات المملكة الذكية في الاستثمار في العنصر البشري، وتكوين الكوادر الذين يتقلّدون اليوم مختلف مواقع المسئولية في بلادهم. أدى قيام الشيخ أبو بكر جمل الليل بتسهيل خروج الطلاب وتزكيتهم للدراسة في الخارج إلى نقمة نظام حكم الرئيس أحمد عبد الله عبد الرحمن (1978-1989م) عليه، فاعتقل وسجن بتهمة الإفتات على الدولة
اشتغل المفتي الجديد في التجارة والأعمال الحرة في بدايات حياته، وكسب منها ما أعانه على التعفف والتّحصّن، فلم يبرح يتمتع بهامش عريض من الاستقلالية والحرية، يصدع بالحق ويوجه النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، بلا رغبة أو رهبة. التحق بسلك القضاء الشرعي، فعمل وتدرج فيها حتى تقاعده، كما خاض غمار السياسة بقيادة الراحل محمد تقي عبد الكريم، وكان هو أول من عرض عليه بعد انتخابه رئيسا عام 1996 منصب المفتي الأكبر، ولكنه رفض العرض وطلب منه منصبا يكون وجه السياسة فيه أوضح، واقترح عليه اسم سيد طاهر بن سيد أحمد مولانا، فقبل منه الأمرين معا، فعين سيد طاهر مفتيا للجمهورية، ثم عين الشيخ أبو بكر كاتبا للدولة مكلفا بالعالم العربي
تقلّد الشيخ أبو بكر قلادة الرئيس الثالث لجمعية الرابطة الخيرية الإسلامية منذ عام 2007 (ولا يزال)، التي كان قد أنشأها سماحة الراحل العظيم المفتي الأكبر سيد محمد عبد الرحمن عام 1985، وكان أول رئيس لها، لتكون مظلة لطلبة العلم والمشتغلين في حقل الدعوة إلى الله، وبعد وفاته عام 1992، تولىّ رئاسة الرابطة الشيخ محمد شريف، رئيس مجلس العلماء، مؤسس مدرسة الفتح، حتى وفاته عام 2007، فانتخب الشيخ أبو بكر عبد الله بإجماع طلبة العلم ليكون الرئيس الثالث للرابطة الخيرية الإسلامية، وأنجز خلال ترأسه لها ما لم يتحقق خلال مسيرتها كلها، فكان من أبرز إنجازاته
حمل الرابطة تحت قيادته راية مقاومة المد الشيعي الذي اخترق شواطئ الجزر عام 2006م
إيجاد مقرّ خاص مملوك للرابطة
إنشاء إذاعة "إقرأ" الإسلامية، واسعة الانتشار والاستماع
قامت الرابطة في عهده بمساع حميدة عديدة لإصلاح ذات البين، سواء بين القرى والمدن المتخاصمة أو بين الأفراد والأسر المتنافرة
القيام بعقد اتفاقات وشراكات للتعاون والتنسيق مع عدد من المنظمات والجمعيات الخيرية العربية لتقديم الخدمات الاجتماعية وتنفيذ الأعمال الخيرية في البلاد، لفائدة الأسر الأشد عوزا والفئات الأكثر فاقة في المجتمع
يحظى المفتي الجديد بتوافق عام بين طلبة العلم والعاملين في الشأن الإسلامي، استنادا لسجله الحافل بالإنجازات العظيمة، وسعيه الدائم لوحدة الكلمة واحتضانه لجموع طلبة العلم تحت ظلال الرابطة الخيرية الإسلامية، فهو إلى جانب تخصصه في علوم الشريعة، يعدّ كنزا من الأخلاق العظيمة والقيم النبيلة، مخفوض الجناح، متواضع بالطبع لا يسعى لزعامة أو شهرة، لا تغريه سلطة أو ثروة، يكرم أهل الفضل، ويعظّم شأن العلم والعلماء، ويتعاون مع ولاة الأمر لما فيه خير البلاد ومصلحة العباد
بقلم/الدكتور نور الدين باشا محاضر في كلية الإمام الشافعي جامعة جزر القمر
