إعداد/ محمد أحمد ممادي ✍️
يهدف هذا المؤشر إلى تغيير الطريقة التقليدية في تحليل الفقر، التي كانت تقتصر على البعد المالي، نحو مقاربة أوسع تشمل مختلف أبعاد الحياة الاجتماعية، مثل التعليم والصحة والسكن والعمل والأمن الغذائي. ويُنتظر أن يتيح هذا التحول فهمًا أدق وأشمل للفقر، ويساعد في صياغة سياسات عامة أكثر عدالة واستهدافًا
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الأمين العام لوزارة المالية، ظاهر الدين أحمد بكر، أن إعداد هذا المؤشر يمثل "مرحلة محورية في مسار تطوير النظام الإحصائي الوطني"، مضيفًا أن هذه المبادرة تعكس "التزام الحكومة القمرية بتعزيز المعرفة الدقيقة بواقع الفقر، ومكافحته بجميع أشكاله
وأوضح أن التحليل القائم على الدخل فقط لا يكفي لتقييم مستوى المعيشة الحقيقي للمواطنين، مؤكدًا أن الهدف هو اعتماد مقاربة أكثر شمولية وإنسانية، تراعي مختلف الجوانب التي تمس جودة الحياة
من الفقر النقدي إلى مقاربة شاملة
من جانبه، أوضح حامد سيد أونيس، منسق مشروع دعم القدرات الإحصائية لمجتمع التنمية، أن تطوير مؤشر وطني للفقر المتعدد الأبعاد يعد "ضرورة استراتيجية" تُمكّن من الاستجابة لاحتياجات إحصائية وتحليلية وسياسية في آن واحد
وأشار إلى أن الأساليب النقدية التقليدية -المعتمدة على الدخل أو الإنفاق- "لا تعكس حقيقة الفقر على أرض الواقع"، إذ أن العديد من الأسر التي لا تُعتبر فقيرة من الناحية المالية تعاني من حرمانات متعددة تشمل ضعف الخدمات التعليمية والصحية، والسكن غير اللائق، والعمل غير المستقر، وانعدام الأمن الغذائي. وأضاف أن المؤشر الجديد يهدف إلى توفير رؤية أكثر توازناً وإنسانية، تُسهم في توجيه القرارات والسياسات التنموية نحو الفئات الأكثر هشاشة، وتعزيز العدالة الاجتماعية في توزيع الموارد
أداة استراتيجية لتوجيه السياسات العامة
وأوضح أونيس أن "مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد" يأتي مكملاً للمقاربات النقدية التقليدية من خلال دمجه لمجموعة من الأبعاد غير المالية للرفاه مثل التعليم والصحة والعمل وظروف المعيشة. وأكد أن هذا المؤشر سيوفر قاعدة بيانات دقيقة تُسهم في توجيه السياسات العامة على نحو يتماشى مع أهداف خطة جزر القمر الطموحة، الهادفة إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة
وفي السياق ذاته، عبّرت آيدة أحمد، رئيسة العمليات في البنك الدولي، عن ارتياح مؤسستها لهذه المبادرة، مؤكدة أن "اعتماد هذا المؤشر ينسجم مع أولويات البنك الدولي، وفي مقدمتها القضاء على الفقر الذي يظل المهمة الأساسية للمؤسسة
نتائج مرتقبة نهاية العام
وقد شهدت الورشة نقاشات معمقة بين الخبراء المشاركين حول الأبعاد والمؤشرات التي ستُعتمد في بناء المؤشر الجديد، إضافة إلى تبادل الملاحظات الفنية والاقتراحات التي ستؤخذ بعين الاعتبار قبل إقراره بصيغته النهائية
ومن المقرر أن تُنشر النتائج الرسمية للمؤشر في ديسمبر المقبل، خلال ورشة مخصصة لعرض مؤشرات الرفاه الاجتماعي، والتي من المنتظر أن تقدم صورة أوضح عن واقع الفقر في جزر القمر، وتفتح آفاقًا جديدة لوضع سياسات اجتماعية وتنموية أكثر شمولًا وإنصافًا
