ومن مشعر منى حيث قضوا يوم التروية، توافد ضيوف الرحمن على صعيد عرفات، على بعد نحو 15 كيلومترا شرق منى، لتأدية ركن الحج الأعظم، حيث أدوا في عرفات صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين في مسجد نمرة؛ اقتداء بسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
وقالت وكالة الأنباء السعودية إن الحجاج توافدوا إلى عرفات "مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية، ملبّين متضرعين داعين الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار"
وفي خطبة عرفة قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح حميد "إن التقوى هي السبيل إلى الفلاح، وهي جوهر الدين وطريق النجاة في الدنيا والآخرة. وأوضح أن التقوى تعني التمسك بدين الله، والعمل بشرعه، خوفًا من عقابه ورجاءً لثوابه. وأضاف فضيلته: "اتقوا الله بفعل أوامره وترك مناهيه، فإن الله يحب المتقين، وقد جعل العاقبة للتقوى، مشددًا على أنها سبب لنيل خيري الدنيا والآخرة، وهي عنوان المؤمنين، وسر استقامتهم وثباتهم
ووجه الشيخ صالح دعاءه في الخطبة إلى فلسطين وأهلها وإلى سائر المسلمين، وقال باكيا: "اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على عدوك وعدوهم وأطعم جائعهم واجبر كسرهم". ودعا إلى إصلاح "أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها" وقال "اللهم ألف قلوبهم وتول جميع شأنهم وازرع المحبة فيما بينهم"
مناسك ما بعد الوقوف بعرفة
ومع غروب شمس يوم عرفة، بدأت جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة، التي تقع على بعد نحو 9 كيلومترات عن صعيد عرفات، وصلّوا فيها المغرب والعشاء. كما باتوا فيها حتى فجر اليوم العاشر من ذي الحجة، أول أيام عيد الأضحى، تأسيًا بسنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم
ويستمر موسم الحج 6 أيام، وانطلق يوم الأربعاء بيوم التروية من مشعر منى، فيما شهد أمس الخميس الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، ثم الانتقال منها اليوم الجمعة إلى منى لاستكمال مناسك الحج ورمي الجمرات ثم نحر الهدي وطواف الإفاضة (بمكة). ومن غد السبت إلى الاثنين، يستمر الحجاج في رمي الجمرات مجددا في منى، ويجوز للحجاج التعجل والمغادرة بعد اليوم الثاني من أيام التشريق، فيما يؤدي الحاج طواف الوداع قبل مغادرته مكة المكرمة، ليختتم بذلك مناسك الحج
أعلنت الهيئة العامة للإحصاء أمس الخميس أن إجمالي أعداد الحجاج هذا العام 1446هـ بلغ (1.673.230) حاجًّا وحاجَّة، منهم (1.506.576) حاجًّا وحاجَّة، قدموا من خارج المملكة عبر المنافذ المختلفة، فيما بلغ عدد حجاج الداخل (166.654) حاجًّا وحاجَّة، من المواطنين والمقيمين
إجراءات تنظيمية واحترازية مشددة
شهد موسم حج هذا العام تعزيزًا ملحوظًا في الإجراءات الوقائية والتنظيمية، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وأكدت الجهات المعنية أن موسم 1446 هـ يشهد نقلة نوعية في آليات إدارة الحشود، عبر توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والمسيّرات لأول مرة في منظومة الإنقاذ والاستجابة السريعة، إلى جانب إصدار تشريعات جديدة لتنظيم حركة الحجيج
وأعلن وزير الحج والعمرة، الدكتور توفيق الربيعة، تجنيد أكثر من 250 ألف موظف، وتنسيق الجهود بين أكثر من 40 جهة حكومية لمواجهة موجات الحرّ المحتملة. وشملت الإجراءات الوقائية توسيع المساحات المظللة بنحو 50 ألف متر مربع، ونشر آلاف من أفراد الطواقم الطبية، إضافة إلى توفير أكثر من 400 وحدة تبريد في المشاعر المقدسة
وشدّد الوزير على ضرورة التزام مكاتب شؤون الحجاج الرسمية بالتعليمات المنظمة لحركة الحجيج داخل المشاعر، لضمان سلامتهم وسلاسة أداء المناسك، مشيرًا إلى أن خطط التفويج والنقل ستسهم بشكل مباشر في ضبط حركة الحشود
الوضع الصحي مطمئن
من الجانب الصحي، وصف مسؤول في وزارة الصحة السعودية الحالة الصحية العامة للحجاج بالمطمئنة، مؤكداً عدم رصد أي حالات وبائية تؤثر على سلامة الحشود
يُذكر أن عدد الحجاج خلال موسم العام الماضي (1445هـ/2024م) بلغ مليونًا و833 ألفًا و164 حاجًا، من بينهم 221 ألفًا و854 حاجًا من داخل المملكة، بحسب تصريحات رسمية. كما أوضحت وزارة الحج أن الحجاج قدموا من أكثر من 200 دولة حول العالم