logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

خطوة تاريخية نحو الشفافية والمساءلة: جزر القمر تؤسس هيئة وطنية لتنظيم قطاعي الطاقة والمياه

خطوة تاريخية نحو الشفافية والمساءلة: جزر القمر تؤسس هيئة وطنية لتنظيم قطاعي الطاقة والمياه

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
بعد ثماني سنوات من الوعود والتأجيل، دخلت جزر القمر مرحلة جديدة في حوكمة قطاعاتها الحيوية، بإطلاق الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم قطاعي الطاقة والمياه، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع بوصفها تحولًا مؤسسيًا يهدف إلى حماية المستهلكين وضبط أداء الشركات المزودة للخدمات الأساسية.

 إعداد/ محمد أحمد ممادي  ✍️

وجاءت هذه الخطوة عقب صدور المرسوم رقم (25-047) بتاريخ 15 أكتوبر الحالي، الذي نصّ على تعيين سيد محمد ناصر أول مدير عام للهيئة، ما يجعلها رسميًا جهة تنفيذية فاعلة بعد سنوات من النقاشات الوطنية حول إصلاح قطاع الطاقة. ويُتوقع أن تمثل هذه الهيئة صوتًا جديدًا للمستهلكين في مواجهة مؤسسات طالما اعتُبرت بمنأى عن الرقابة والمساءلة

تُعد هذه المبادرة تتويجًا لمسار بدأ منذ "المناظرات الوطنية حول الطاقة" عام 2017، التي أوصت بضرورة إنشاء جهة مستقلة لتنظيم ومراقبة قطاعات المياه والطاقة والوقود

فطيلة السنوات الماضية، ظل المواطنون يشتكون من فواتير غير شفافة، وتسعيرات لا تراعي القدرة الشرائية، وعقود غامضة مع الشركات المشغّلة، إلى جانب نقص الشفافية في إدارة ملف النفط وجودة المنتجات البترولية. وفي ظل غياب جهة رقابية ذات صلاحيات قانونية، تفاقمت التوترات بين المستهلكين ومزودي الخدمات. لكن هذا الفراغ المؤسساتي انتهى اليوم

فالهيئة الجديدة، المنشأة بموجب المرسوم رقم (25-124) الصادر في 6 يونيو 2025، تتمتع بصلاحيات واسعة تتجاوز التحكيم الإداري، إذ خُوّلت منح أو سحب التراخيص، وتحديد الأسعار، والموافقة على الرسوم، ومراقبة الجودة، وحتى إجراء التحقيقات التقنية بالتعاون مع المكتب الجيولوجي الوطني

حماية المستهلكين والعدالة في الخدمات

ينص المرسوم على أن الهيئة "مسؤولة عن تنظيم الأنشطة في مجالات الطاقة والمياه والصرف الصحي، ولها سلطة اتخاذ قرارات تنفيذية للفصل في النزاعات بين المشغلين والمستهلكين". كما أوكلت إليها مهمة حماية الفئات الهشة، مثل ذوي الدخل المحدود، والأشخاص ذوي الإعاقة، وسكان المناطق الريفية، الذين غالبًا ما يتم تهميشهم في السياسات التنموية

ويرى مراقبون أن هذه الهيئة تمثل آلية ضرورية لإعادة التوازن في العلاقة بين المستخدمين والمزودين، في وقت تعرف فيه البلاد تحولًا طاقيًا مهمًا نحو مصادر أكثر استدامة

تأتي هذه الخطوة في وقت أثار فيه عقد الشراكة بين الشركة الوطنية للكهرباء والمجموعة الفرنسية (إينوفا)، المتعلق بمشروع للطاقة الشمسية، جدلًا واسعًا وانتقادات حادة بشأن الشفافية وشروط الاتفاق. وبتفعيل الهيئة الجديدة، لن تمر مثل هذه العقود مستقبلاً دون مراجعة دقيقة من جهة مستقلة تضمن وضوح الإجراءات وحماية المصلحة العامة

ورشة ضخمة ومسؤولية ثقيلة

يتولى سيد محمد ناصر قيادة هذه المؤسسة الجديدة بخبرة تمتد لسنوات في وزارة الطاقة، حيث شغل منصب الأمين العام المساعد ومديرًا عامًا للطاقة والمعادن والمياه. ويقرّ ناصر بأن المهمة التي تنتظره "ضخمة وحساسة"، في ظل تحديات متعددة تتراوح بين الانتقال الطاقي، وانفتاح السوق، والتوترات الاجتماعية الناتجة عن الهشاشة الطاقية

وقال في تصريحات له عقب تعيينه: "هذه الهيئة ليست مجرد إطار إداري، بل أداة لضمان الشفافية، والعدالة، والمساءلة في إدارة الخدمات الأساسية

ويرى خبراء أن نجاح الهيئة يعتمد بالدرجة الأولى على توفير الموارد البشرية والتقنية والمالية الكافية، وعلى إرادة سياسية حقيقية تضمن استقلاليتها الفعلية، حتى لا تتحول إلى هيكل إداري بلا فاعلية

يمثل تفعيل الهيئة الوطنية لتنظيم قطاعي الطاقة والمياه مرحلة جديدة في إصلاح البنية المؤسسية لجزر القمر، وخطوة أولى نحو ترسيخ مبدأ الشفافية في إدارة الموارد الحيوية. فبعد سنوات من الغموض والتحديات، يأمل المواطنون أن تترجم هذه الخطوة إلى تحسين ملموس في الخدمات، وضمان حقوق المستخدمين، وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطن

تعليقات