logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

صفات أولياء الله

صفات أولياء الله

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
يصادف يوم 18 ديسمبر الذكرى المائة والواحدة والعشرين لوفاة العلّامة الشيخ محمد أحمد المعروف (1852–1904)، شيخ الطريقة الشاذلية اليشرطية في جزر القمر وشرق أفريقيا، وأحد أبرز رجالات العلم والتصوف في المنطقة.

 بقلم الأستاذ/ محمد حسين دحلان ✍️

باحث في الشريعة الإسلامية

وقد عُرف الشيخ بورعه وصلاحه وإخلاصه في خدمة الإسلام والمسلمين، إذ كرّس حياته لنشر تعاليم الدين عبر التربية الروحية وتهذيب النفس والتخلق بالأخلاق الحميدة. وتشير سيرته وما نُقل عن حياته إلى أنه كان -بإذن الله- من أولياء الله الصالحين

وفي هذه المناسبة، نغتنم الفرصة لتسليط الضوء على مفهوم الولاية في الإسلام، وما يعنيه أن يكون الإنسان وليًا من أولياء الله. فـ"الولي" هو من آمن بالله وتقرب إليه بالطاعة، واجتهد في فعل الخير، واستقام في سلوكه ظاهرًا وباطنًا، ساعيًا إلى رضا الله في كل أحواله. ويمكن لكل مسلم أن يبذل جهده في العمل الصالح، وأن يخلص لله في سرّه وعلنه، راجيًا أن يكون -بإذن الله- من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا

يُعرّفنا الله سبحانه وتعالى بمقام الولي ومكانته عنده، فيقول جلّ شأنه: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾. وفي هاتين الآيتين بيانٌ واضح أن الله تعالى سمّى هؤلاء المؤمنين أولياءه، وهي علاقة بين العبد وربّه تقوم على صدق الإيمان، ودوام الذكر، وحسن الطاعة. فالعبد يحقق معنى العبودية خضوعًا ومحبة، وربّه يتولاه ويرعاه ويدبّر شؤونه

ولبلوغ هذه المرتبة العظيمة، لابدّ للمؤمن أن يتحلى بصفات أولياء الله الصالحين، وعلى رأسها تقوى الله، التي تكررت الدعوة إليها في القرآن الكريم والسنة النبوية. وهي زاد الأرواح، ولا يصل المرء إلى الولاية إلا بامتثال أوامر الله، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واجتناب المعاصي، وترك الهوى

ويُعدّ حديث الولاية الذي أخرجه الإمام البخاري، من أعظم الأحاديث التي تحدّثت عن مقام الأولياء، إذ يروي أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله عن ربّه عز وجل «من عادَى لي وليًّا فقد آذَنْتُه بالحرب، وما تقرّب إليّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليّ مما افترضتُه عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه»

وفي هذا الحديث بيانٌ عظيم لمقام الأولياء، وتحذير من معاداتهم، وتأكيد على أن ولايتهم تقوم على أداء الفرائض أولًا، وهي منزلة أصحاب اليمين، ثم تعلو بالنوافل التي ترفع العبد إلى درجة أعلى من القرب والمحبة

ومن صفات أولياء الله أيضًا أن قلوبهم متعلقة بالله، يرضون بقضائه وقدره، لا تشغلهم الدنيا بمدحٍ أو ذم، ولا يُفتنون بفقرٍ أو غنى. ينظرون إلى النعم على أنها وسيلة تعينهم على الطاعة، لا غاية تصرفهم عنها

وانطلاقًا من هذه الصفات، وبالرجوع إلى ما وصلنا من أخبار موثوقة عن حياة الشيخ محمد بن شيخ أحمد المعروف، يمكن القول -نحسبه عند الله ولا نزكي على الله أحدًا- أنه كان من الصالحين ومن أولياء الله، بما عُرف عنه من زهدٍ وورع، وخدمةٍ للدين، ونشرٍ للفضيلة، وتربيةٍ للأجيال

ونرجو الله تعالى أن يلهم جيلنا والأجيال القادمة الاقتداء بسير الصالحين، وأن يوفقنا جميعًا لتحقيق ما نرجوه لبلدنا من حياة إسلامية كريمة، تُرسّخ الاستقرار، وتبني النهضة، وتحقق الخير بإذن الله. وبالله التوفيق

تعليقات