انطلقت يوم الاثنين 5 أكتوبر الجاري، جلسات محكمة الجنايات لعام 2020 في البلاد والتي استمرت مدة ثلاثة أيام. وكان اليوم الأول للجلسة مخصص للنظر في قضية قتل الشاب عليم عثمان وحرقه في 26 أبريل 2019 بمنطقة باندا جنوب جزيرة انغازيجا. ويحاكم المتهم في هذه القضية بتهمة "القتل العمد والحرق العمد الذي أدى إلى وفاة الضحية". وبعد مداولات هيئة المحلفين توصلت المحكمة إلى أن المتهم الرئيسي في هذه القضية، محمد زيدو مذنبا ومدانا بجريمة القتل والحرق المتعمدَين، حيث أصدرت محكمة الجنايات عقوبة الإعدام بحقه
عقوبة الإعدام على محمد زايدو
وجاء اتخاذ هذا القرار الثقيل بعد الإجابات الإيجابية من قبل هيئة المحلفين على أسئلة الكمين وتعمد ارتكاب هذا الفعل الشنيع تجاه المغدور به عليم عثمان. وفيما يتعلق بمسألة الظروف المخففة التي كان من الممكن أن يستفيد منها المتهم، كانت إجابة هيئة المحلفين بالإجماع سلبية. بينما حكمت المحكمة على المتهمين الآخرين: رفيق ممادي وعبده محمد والعزيز إبراهيم بـ"السجن الجنائي" مدة عشر سنوات لتواطؤهم في هذه الجريمة. وبناء على هذا الحكم، أقر هيئة المحلفين بتهمة تواطؤ هؤلاء الثلاثة في جريمة الاغتيال. كما أقرت هيئة المحلفين أن هؤلاء الثلاثة شاركوا في الكمين الذي نظم ضد الضحية. بشأن موضوع الحرق العمد الذي أدى إلى وفاة عليم عثمان، رفضت هيئة المحلفين أي شكل من أشكال التواطؤ من جانب الرجال الثلاثة
وفي ختام الجلسة التي استمرت طوال يوم الاثنين الماضي، أعلن محامي الضحية إدريس مزي مورني "رضائه بالطريقة التي جرت بها الجلسة" والارتياح الكبير للقرار الصادر عن المحكمة. وقال "لقد صدر حكم الإعدام بحق الجاني الرئيسي في هذه القضية، وهو الحد الأقصى للعقوبة، غير أن القلق الصغير الذي يراودني، يكمن في حقيقة أن الجناة الثلاثة قد حكم عليهم بالسجن لمدة عشر سنوات جنائية. أعتقد أن المحكمة كانت متسامحة في هذا الجانب". وبخصوص عقوبة الإعدام الصادر يوم الاثنين 5 أكتوبر، أضاف محامي الطرف المدني أنه يأمل "بأن لا يبق حكم تم النطق به فقط". وقال "أنا أؤمن بعدالة المحكمة وآمل بأن يتم تنفيذ عقوبة الإعدام على الجاني"
سجن المتواطئين الثلاثة مدة عشر سنوات
ومن جانب هيئة الدفاع، استقبلت حكم الإعدام بعدم الأريحية، وقال جمال الدين بكر محامي محمد زيدو "لقد أنزل على موكلي أقصى العقوبات، كنت أعتقد إدانة، لكن ليس عقوبة الإعدام. وأوضح محامي الدفاع أن الجانب القاسي والمعقد من هذا الحكم والذي يقود موكلي إلى المشنقة، هو أن قرار محكمة الجنايات نهائي. مثل محكمة أمن الدولة يتم إصدار قرارات محكمة الجنايات كملاذ أخير، وبالتالي دون إمكانية أي استئناف. وقال المحامي جمال الدين بكر "لحسن الحظ أن القانون يسمح لنا بطلب عفو رئاسي". وفيما يتعلق بأحكام السجن الجنائية لمدة عشر سنوات والتي صدرت ضد المتواطئين الثلاثة في الجريمة أكد المحامي جمال الدين بكر "أن الشخص يجب أن يأخذ كل شيء، ولسوء الحظ، وقع هذا على موكلي. إن جريمة القتل التي ارتكب في حق علي عثمان، تعود في الأصل إلى علاقة حب بين أخت محمد زيدو والضحية"
الحكم على شمس الدين عبد الله بالسجن ست سنوات
وأصدرت المحكمة في نهاية جلسة الاستماع ليوم الثلاثاء 6 أكتوبر -ثاني أيام جلسة محكمة الجنايات لعام 2020- حكم بالسجن ست سنوات على شمس الدين عبد الله، الملقب بـ أمريكي، بتهمة "القتل غير العمد" على المواطن أحمد عبده المشهور بـ بنانا. ويعود تاريخ ارتكاب هذه الجريمة إلى 14 سبتمبر 2019، عندما سمح شمس الدين عبد الله لنفسه، وهو تحت تأثير الكحول بقيادة سيارة مسروقة لرجل يُدعى عباس، رغم أن الجاني لم يكن يحمل شهادة السواقة لعدم معرفته مهنة قيادة السيارات. وفي طريقه اصطدم المتهم بعنف على أحمد عبده الذي توفي بعد ساعات قليلة من دخوله المستشفى
وبحسب المعلومات التي قدمت للمحكمة، فقط سقط الضحية بعد الاصطدام، على مسافة 34 مترا من موقع الحادث. وأثناء المداولات، كانت على هيئة المحلفين أن يبتوا في مسألة القتل العمد، والنيية الاجرامية، وتطبيق المادة 306 من قانون العقوبات. هذه النية الإجرامية التي حرصت النيابة على الإشارة إليها خلال الاستدعاء، لقيت ردا سلبيا من قبل هيئة المحلفين. أما بالنسبة لمسألة القتل غير العمد وتطبيق المادة 306 من قانون العقوبات فقد نالت هاتان النقطتان أجوبة إيجابية من قبل هيئة المحلفين التي استندت إلى الفقرة الأخيرة من نفس المادة التي أشارت إليها النيابة. هذا الحكم ينص على "مضاعفة العقوبات المنصوص عليها في الفقرتين 1 و2 في حال وجود سائق بدون رخصة قيادة"
وفي نهاية الجلسة، فوجئ محامو المتهمين بهذا القرار وأبدوا دهشتهم من المداولات. وأمام وسائل الإعلام، قدم المحامي موانجي حمادي، أولا التعازي إلى أسرة الضحية، قبل أن يوضح قائلا "اعتقدنا أن المحكمة ستلتزم بالفقرة الأولى من المادة 306، خاصة بعد الاستماع إلى استدعاء المدعي العام الذي سار في نفس الاتجاه، خاصة أنه لم يتم تحديد النية الجنائية". وحول هذا الجانب من الافتقار إلى النية الإجرامية، قال موانجي حمادي إن هذا يعزز عدم فهمه. موضحا "لم تقبل هيئة المحلفين على النية الإجرامية لأن الأمر بالنسبة لهم كان مجرد حادث مؤسف تسبب في إصابات أدت إلى وفاة أحمد عبده". أما زميله، المحامي سعيد أنليبو غزالي فقد أوضح أن "السجن ست السنوات هي عقوبة قاسية بالنظر إلى أنه حادث. لقد تابعنا جميعا المناقشات ولم نلاحظ أي نية لهروب موكلي. لم يتطرق إلى ذلك لا المدعي العام ولا محامي الطرف المدني". وقد شدد النائب العام في مداخلته بشكل كبير على بناء المخالفة وعواقب القيادة في حالة سكر
عقوبة الإعدام بحق شمس الدين ممادي الملقب بموامبوا
كما تميز اليوم الثاني لجلسة محكمة الجنايات، بإصدار عقوبة الإعدام على شمس الدين ممادي، الملقب بـ موامبوا المتهم بقتل زوجته ووالدة طفليه، أمينة بروان. وتعود هذه الواقعة التي قاد المتهم للمثول أمام محكمة الجنايات يوم الثلاثاء الماضي إلى 12 يونيو 2019، إثر الغيرة المفرطة التي دفعته إلى قتل زوجته بعد طعنها بسكين مرتين. وأثناء المداولات وبعد محاولته إنكار الحقائق، انتهى الأمر بالمتهم إلى الاعتراف بأنه قتلها بعد أن أقام علاقة حميمة مع زوجته. وقد اعترف الجاني بأنه طعن زوجته بسكين في صدرها وأخرى في عظمة الترقوة. ورغم اعترافه بهذه الجريمة النكراء، قال شمس الدين ممادي بأنه لا يفهم "سلوك البشر الذين لا يريدون أن يغفروا ذنوب الآخرين، في حين أن رب العالمين خالق الكون غفور رحيم. لا أفهم لماذا لا يغفرون". وفي هذا الموقف المتمثل باستحضار المولى عز وجل في كل مرة يتحدث فيها المتهم لم يستطع اقناع هيئة المحلفين الذين حكموا عليه أقصى العقوبة، عقوبة الإعدام
ومن جانبها، طلبت النيابة التي ركزت في استدعائها على إعداد الجريمة بشكل كامل من هيئة المحلفين بأن لا ينخدعوا، لأن المتهم أعد تسديدته قبل وقت طويل من ارتكاب جريمته. وجاء في مرافعات النيابة "إنه بالفعل عملية اغتيال، كان هناك كمين، لأنه استخدم كل الوسائل لخداع ضحيته قبل أن تجعل زوجته تعاني من هذا العمل الحقير والهمجي. وبعد أن قتل زوجته، قام بفرد فخذيها لالتقاط صورة على أعضائها التناسلية، وصورت عشر صور، لأنه بالنسبة إليه، لم يكن قتلها كافيا، أراد تخليد اللحظة من أجل الاحتفاظ بذكرى همجيته. وبالنظر إلى هذه العناصر نطالب من المحكمة إنزال عقوبة الإعدام"
وأثناء المداولات، رفض المحلفون أي شكل من أشكال الظروف المخففة المتاحة للمتهم. وبصرف النظر عن الظروف المخففة، كان على هيئة المحلفين أن يجيبوا على عدة أسئلة حول جرم قتل المتهم، ونياته الجنائية، وتنظيم كمين، وبشأن ارتكاب الفعل البربري. وقد تلقت هذه الأسئلة الأربعة على إجابات إيجابية من هيئة المحلفين الذين قرروا معاقبة موامبوا بعقوبة الإعدام. وقال محامي الدفاع سيد عيسى إن "المحكمة قررت الانصياع إلى مطالب النيابة، إنه لأمر محزن لأن ذلك لن يساعد في وقف العنف بل على العكس"
وأعرب المحامي سيد عيسى عن أسفه لقلة وسائل الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات. مضيفا "هذا القرار مخالف الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعتها جزر القمر. ومن المحزن حقا أن نلاحظ أن الدولة لا تفي بالتزاماتها الدولية". وقال في نهاية حديثه إنه لم يفاجأ بقرار محكمة الجنايات لأن هيئة المحلفين كانت تتألف في الغالب من رجال مسنين. ومن جانبه، أبدى محامي الطرف المدني، فخر الدين محمد عبد الواحد رضائه عن هذا القرار. وقال في نهاية الجلسة إن "القانون قد أخذ مجراه، وبالتأكيد، فإن حكم الإعدام الصادر بحق المتهم لن يعيد موكلي، لكن هذا سيهدئ الأرواح، لأننا نشهد في الآونة الأخيرة زيادة كبيرة في أعمال العنف. وأضاف المحامي فخر الدين في مداخلته بأنه "على عكس ما قاله محامي الدفاع، فإن النطق بعقوبة الإعدام وتنفيذها يمكن أن يقطع شوطا كبيرا في ردع المجرمين المحتملين"
السجن ثلاث سنوات ضد محمد إبراهيم
السجن ثلاث سنوات هو الحكم الصادر على محمد إبراهيم 24 عاما، وهو طالب في كلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية في جامعة جزر القمر بتهمة قتل صديقته فهمة أحمد 20 عاما. وقد تم اتخاذ هذا القرار في نهاية جلسة الاستماع التي عقد أول أمس الأربعاء، اليوم الأخير لجلسة محكمة الجنايات لعام 2020. وتعود الحادثة التي قاد هذا الطالب الجامعي للمثول في قفص الاتهام في محكمة موروني إلى 2 سبتمبر 2019. وقد تم محاكمته بتهمة "القتل العمد"، وهو ادعاء رفضه بشكل قاطع، ودفع ببراءته من خلال دعم الأطروحة بأن الحادث ليس قتلا، بل انتحارا. وتأييدا لحجته، قال المتهم أمام المحكمة بأن الشابة ذهبت إلى منزله "للتحدث معه عن التحرش الجنسي بزوج والدتها"
وحسب تصريحات المتهم، بعد الحديث عن المشاكل العائلية مع الضحية، نام العاشقان مرتين. وبعد ذلك، مباشرة فتشت الشابة هاتفه وصادفت رسائل حميمة من امرأة أخرى. "لقد غضبت، وأخذت الهاتف وبدأت في محو الرسائل لأطمئنها أنها لا تهمني. حملت سكينا كان على السرير، وأطعنت نفسها في البطن". ولتنوير المحكمة، قام رئيس الجلسة باستدعاء طبيب جراح لتقديم توضيحات بخصوص الإصابة وموقعها لأن الشهادة الطبية تظهر جرحا مفتوحا بطول 3 سم وبعمق 7 سم. وقد تضررت الكلية اليسرى للضحية بهذه الإصابة المذكورة. وردا على سؤال حول إمكانية الانتحار، أوضح الطبيب الجراح أنه محتمل، لكن إصابة الكلية يتطلب المزيد من الجهد لأن هذا العضو يقع في مكان بعيد. وأضاف أننا عندما نفتح المعدة لا نرى الكلية
المحكمة وهيئة المحلفين لم تقتنعوا من فرضية الانتحار، كما أنهم رفضوا أيضا وقائع القتل العمد التي احتفظت بها النيابة. وأثناء المداولات، استبعدت المحكمة وقائع القتل العمد، واعتمدت القتل غير العمد واحتفظت بالمادة 306 بدلا من المادة 279 التي أحالتها الادعاء. وفي نهاية هذه المداولات، أدينا محمد إبراهيم بالقتل غير العمد. وعندما سئل المدعي العام عن هذا القرار، أوضح أن المحكمة حرة تماما في القيام بذلك. لم يكن هناك اعتراف بتأييد القتل العمد، واقتنعت هيئة المحلفين أن الأمر لم يكن مسألة انتحار، ولهذا السبب كانت المادة 306 هي المطبقة