logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

قصص من فلسطين: الواثقون الشهداء

قصص من فلسطين: الواثقون الشهداء

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
إن نبالة وقداسة الشهداء تفرض علينا حمل شرف اسمهم، منهم من تسلحوا بالثقة والإيمان فكانوا من الواثقين بالله، أراد لهم السجان الموت وأعد لهم أقبية كقبور للأحياء، أرادهم موتى رغم نبضات قلوبهم العاشقة، ودمائهم الثائرة، لكنهم صنعوا من الموت حياة ومن السكون حركة ومن الصحراء القاحلة رياض وجامعة ومن العتمة نور ومن الضيق سعة.

 

الشيخ خضر عدنان أيقونة الصمود ومعركة الأمعاء الخاوية، الشيخ الذي كان يرقد محتجبا عن الضوء والشمس عنوة وفي زنزانة ضيقة بمستشفى الرملة، فحالته الصحية غاية في الخطورة رغم 86 يومًا من هذه المعركة القاسية. فمعنى معركة الأمعاء الخاوية هي امتناع الأسير عن الطعام، وذلك بسبب ممارسة إدارة السجون الإسرائيلية التعذيب النفسي والجسدي للأسرى الفلسطينيين، لذلك يلجأ الأسرى إلى الإضراب وذلك بهدف تخفيف الضغط ورفع الظلم عنهم، وتحقيق المطالب المنصوص عليها دوليا، خاصة أنه لا يوجد قانون يحاسب السجان الإسرائيلي على هذه الجرائم

خضر عدنان الذي خاض اضرابات عدة بسبب ما وقع عليه من ظلم الأسير إداريا، حيث اعتقل عشرات المرات فهو من أبرز الأسرى الذين واجهوا الاعتقال الإداري، وخاض النضال بأمعائه الخاوية، على نطاق واسع

ست مرات من الإضراب وهذا الأخير الأطول في حياته

إضراب الشيخ عدنان "شكّل حالة نادرة وتاريخية ومفصلية في تاريخ النضال الفلسطيني، فقد أحرج  إسرائيل دوليا". ولأن نجاح الإضراب يعتمد على الحشد الإعلامي، والتحركات الشعبية المساندة، وقوة إرادة المضرب عن الطعام، فقد كانت زوجته ناشطة من أجل رفع الظلم عن زوجها، تنقلت بكافة أرجاء الوطن، وقائدة لمسيرات ومشاركة بالفعاليات، وناطقة إعلامية عبر الإذاعات لمساندة زوجها المضرب وكل الأسرى الفلسطينيين ناقلة للرأي العام عن حالهم. وتقول بعد خبر استشهاد زوجه: لن افتح بيت العزاء ولن أسامح الاحتلال على فعلته

فصمود الشيخ خضر عدنان وقوة إرادته كانا في عام 2004 أول إضراب وكانت تجربته الأولى رفضًا لعزله في سجون الاحتلال واستمر 25 يوما. وفي عام 2012، فجّر الشيخ ما عرف لاحقا باسم "ثورة الإضراب الفردي" في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومضى على دربه عشرات الأسرى رفضا للاعتقال الإداري. وفي هذه المرة خاض إضرابًا استمر 66 يوما، وتزامن مع حراك شعبي واسع حتى قرر الإفراج عنه. وفي عام 2015، أضرب خضر عدنان فور اعتقاله أيضا ولمدة 56 يومًا. وفي عام 2018 خاض الإضراب عن الطعام 58 يومًا. وفي عام 2021، خاض إضرابًا عن الطعام استمر 25 يومًا. وعلى مدار الإضرابات السابقة تمكّن من نيل حريته، ومواجهة اعتقالاته التعسفية المتكررة

الشيخ الجليل خضر عدنان تعرض للاعتقال 12 مرة، وأمضى ما مجموعه نحو 8 سنوات في سجون الاحتلال، ومعظمها قيد الاعتقال الإداري، أي بلا لائحة اتهام معلنة ووفق "ملف سري"

رسالة أدمعت قلوبنا وعيوننا

 أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي من سجني في الرملة الحبيبة الفلسطينية الأصيلة، وصيتي هذه لأهلي وأبنائي وزوجتي وشعبي. شعبنا الأبي أبعث لكم هذه الوصية تحية ومحبة، وكلي ثقة برحمته تعالى، ونصره وتمكينه، هذه أرض الله ولنا، فيها وعد منه إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا فمهما فعل المحتلون، وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم وغيهم، فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب. سلامي لسادتنا ذوي الشهداء، والأسرى، وتحياتي لهم وكل الأحرار والثوار

أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي من سجني في الرملة الحبيبة الفلسطينية الأصيلة، وصيتي هذه لأهلي وأبنائي وزوجي وشعبي. زوجتي أوصيك وأبنائي بتقواه تعالى، والاستعصام بحبله المتين والاستغناء بفضله عمن سواه، وقول الحقّ في كل زمان ومكان، وصلة الأرحام والصلاة والزكاة والحفاظ على حرمات الله وحقه في حالنا ومآلنا، وحركتنا وسكنتنا، والعلم إن خير بيوتات فلسطين هي بيوتات الشهداء، والأسرى والجرحى والصالحين

أوصيكم بالأعمام والأخوال والأقارب والجيران وكل من له حق علينا، أوصيكم أن لا تتركوا لأحد حق عليّ معنوي أو مادي فمحبكم الأكثر حاجة إلى رحماته تعالى، إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي وسجوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان دعواتكم له ولوالديه والمسلمين بالرحمات واجعلوه قبرا بسيطا وأطلبوا من الله لي المغفرة والرحمة والتثبيت وسعة القبر وأن يجعل قبورنا رياض من رياض الجنة لا حفر من حفر النيران وأن يتقبل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم

اختار الطريق الصعب، وأصر عليه، ونال الشهادة ليبقى شاهدًا على جريمة الاحتلال التي اختارت اغتياله بالقتل البطيء برفضها وتعنتها الإفراج عنه رغم تدهور حالته الصحية. الشيخ العظيم أيقونة الصبر والإرادة، قائد معركة الأمعاء الخاوية المعلم والاستاذ عاهد شعبه على الانطلاق والبدء والمواصلة لتحقيق أنبل الاهداف، لكنه ركب سفينة الشهادة مبكرا، الكل يزرع الشهداء يسقون النبتة بدمائهم ومن ينتظر بعدهم يقطفون الثمار. كان على ثقة عظيمة بالله وبتأييده للمؤمنين والمستضعفين والمقهورين والمظلومين انطلاقا من قوله تعالى {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}

تعليقات