logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

كيف نقوي الأخوة الإسلامية؟

كيف نقوي الأخوة الإسلامية؟

الوطن بالعربية |  | ---

image article une
لا يخفى على أحد ما وصل إليه المسلمون في عصرنا الحالي من ضعف وتفرق وهوان، وانشغال كل واحد منهم بنفسه، ونسيان إخوانه المسلمين في شتى بقاع الأرض، وأصبح منفصلاً عما يحدث لهم، وكأنه يعيش في كوكب آخر، بل وصل الأمر ببعضهم أن يكون جاره في المسكن أو زميله في العمل في أزمة أو مشكلة، ولا يعرف عنه شيئا، أو يقدم له معونة.

 

والأخوة في الإسلام رباط إيماني قوي يقوم على منهج الله، وينبثق من التقوى، ويرتكز على الاعتصام بحبل الله وطريق النبي صلى الله عليه وسلم فقد أمرنا الله بها فقال: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: 103]، وربطها بالإيمان، فقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ». أخرجه: مسلم

وهي من ركائز بناء الدولة الإسلامية، لذلك أول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، وكان أحدهم يعرض على أخيه نصف ماله وإحدى زوجتيه فيأبى ويقول بارك الله لك في مالك وأهلك كما حدث بين سعد بن الربيع، وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم أجمعين

وبالأخوة تتحقق القوة للمسلمين: فلنتحاب فيما بيننا ولنحرص كل الحرص على رابطنا الوطني، فهو سر قوتنا ونجاحنا الدنيوي والأخروي. والأخوة تعطى قدرة على التغلب على المشكلات: فهي الوقود الدافع لسفينة الإسلام، وهي حائط الصد الأول أمام التحديات التي تواجهه

والذي يتابع الوضع الحالي يرى أن حال بلادنا جزر القمر لا يختلف كثيرا عن حال المسلمين في العالم. ولكن الله سبحانه وتعالى منّ علينا أن جعل بلدنا آمنا مطمئنا ورزقنا نعما كثيرة لم يرزقه لكثير من البلدان. وقد كان سكان جزر القمر يعيشون إخوانا متحابين سواء كانوا من نفس الجزيرة أو لم يكونوا كذلك. فقد استطاع أجدادنا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ثم بإخلاصهم وعملهم الدؤوب ترسيخ مبادئ الأخوة بين أبناء هذا الشعب. وعلى الرغم من المحاولات الكثيرة التي تسعى بعض الناس لتمزيق الأمة القمرية إلا أن هناك بقايا كثيرة من ميزات الوحدة بينهم. فكما كررنا وما زلنا نكرر بأن ديننا واحد ومذهبنا واحد وعرقنا واحد ولغتنا واحدة. فلماذا نقبل من أي أحد أن يقنعنا بأننا مختلفون. لماذا نقبل أن نتخلى عن مبادئنا الإسلامية ونسمح بالكراهية أن تعم بين أبناء الشعب الواحد؟

يجب علينا أن نعرف أن الحفاظ على وحدة الأراضي القمرية المتمثلة من جزرها الأربعة أمر ديني واجب على كل مسلم قمري غيور على دينه. فالحفاظ على وحدة الأرض لا يحتاج إلى أمر أحد، بل هو واجب شرعي وفريضة واقعية. والسكوت عن واجب الدفاع على الوطن يعتبر جريمة كبيرة

لذا، يجب علينا كقمريين تكاتف الأيادي من أجل منع أي فتنة تريد أن تمزق بلدنا. كما أننا يجب علينا أن نعيد الأخوة الإسلامية من جديد، لنعيد مجدنا، ونبني بلدنا، ونفوز برضى ربنا، ويدخلنا الجنة التي عرفها لنا

لكن الأخوة ليست شعارا يرفع، ولا كلمات تردد، ولكنها عمل وفعل وتطبيق، وهي نظام حياة وتعاون وتكامل وتكافل، وهي منحة من الله لا يعطيها إلا المخلصين من عباده والأصفياء والأتقياء من أوليائه وجنده وحزبه، ولها متطلبات كثيرة منها سلامة الصدر، ومعناها: أن نقبل كل ما يبدر من الآخرين دون حقد أو ضغينة أو سوء نية، ونحمل تصرفاتهم على معانيها الحسنة. ومنها التسامح والتراحم والتناصح بالحسنى وغيرها من الأخلاق الحميدة

فعلينا أن نقوّي الأخوة في الله، فهي الماء الذي يروي عطشَ القلوب، نسألُ الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا ممن يلتزمون بمبدئ الأخوة لنكون من الفائزين في الدنيا والأخرة

محمد حسين دحلان

باحث في الشريعة الإسلامية

وخطيب في جوامع موروني

تعليقات