هذا القتل المتعمد الذي يستهدف الأطفال الغزيين، وهم بعمر الزهر والورد والياسمين، أكثر من خمسة آلاف طفل حديثو الولادة وما فوق، قتلوا ليس بأحزمة النيران وقنابل الفسفور فقط إنما بصواريخ الصهيونية، الأكثر فتكا والتي تحتوي على مواد متفجرة تحمل في قلبها الصخري والقاسي شتى أنواع العذاب من الموت المؤلم بالشظايا المكونة من مواد حديدية مسننة حادة، عبارة عن شفرات لكنها بحجم كبير وثقيل
لكم أن تتخيلوا أنتم، نعم كيف الأطفال الرضع أن يتحملوا ذلك الإجرام الذي حولهم إلى أشلاء متناثرة، فالكتابة والوصف ليس كما أن تكون في الواقعة، فكل تفاصيل هذا الكون الغزي الصغير أصبح رمادا وحطاما وركاما. عائلات بأكملها مسحتها إسرائيل من السجل المدني، واليوم انضم إلى هذه العائلات، عائلات أخرى كرفاق في رحلة الموت المفجع الذي أسمته، بالموت الرحيم عندما قتلتهم في مستشفى المعمداني من ثلاث أسابيع
تخيل أن تقتل بصاروخ وأنت تجلس إلى جانب أحبابك وأطفالك، تضمهم إلى صدرك بصوت نبضات قلبك المتسارعة خوفا عليهم. تحت صوت الطائرات الوحشية بأجنحتها الضاربة في عرض السماء، يوجهها إنسان بدون إنسانية حاملة الهلاك. تعلن بدون توقف الخطر بكل قوة، ضد الشعب الأعزل وفي تحليقها، تقتنص الأبرياء كفرائس لا تقوى على الدفاع. لا شيء يحجب عيونها الصهيو-الامريكية الهمجية الباردة عن الحياة البريئة، فتطلق رصاصها وتترك آثار الدمار والألم. تحمل في جوفها لوحة تاريخ مُظلمة من الأحداث والمصائب، حيث يكون الثمن غالياً على تلك القلوب البريئة التي تتعرض للهجوم
ولا من مجيب ولا حتى معين، في هذا العالم المنافق القاسي الذي يعمل بكل إصرار على استمرار شلال الدماء البريئة المسكينة، لنكتشف أن كل زعيم في عالم الظلام والظلامية مصر على قتل الإنسانية. فلماذا وجد الرؤساء والحكام إن لم يستطيعوا أن يمثلوا نبرة فريدة في سيمفونية الحياة؟. ولماذا المؤتمرات وانعقاد القمم ومجلس الأمن الدولي أليس ليتداخلوا هؤلاء ويشكلوا نسيجًا لا يُضاهي من الأمن والأمان والدفاع عن حقوق الإنسان؟ ومن هم تحت آلة القتل والدمار منتظرين خيط من خيوط الإنسانية التي تربط قلوبهم وتوجه أفكارهم نحو تحقيق السكينة لهم ولأطفالهم، ولكن عبث إن أحد يسمعهم
فلا مكان في قلب الرؤساء للعطف والرحمة والعدالة التي هي ركيزة أساسية لمنع الظلم ولبناء مجتمع ينمو ويزدهر بالأمان وليس بازدواجية المعايير وقتل الفلسطيني لأنه فلسطيني. إن فهم قيمة كل فرد في هذا العالم القاسي واحترام حقوقه هو مفتاح لفهم جوانب الإنسانية المشتركة والتي تجمعنا بغض النظر عن اختلافاتنا. لكم أن تسمعوا مني بانتباه عميق إلى حكايا المواطن الغزي. في هذه الرحلة القصيرة عبر الكلمات، دعونا نبحر سويًا في بحر الإنسانية، حيث تتجسد قيمتنا وتتشكل أحلامنا، وحيث يشع شعاع الأمل في كل قلب نابض بالمحبة والوفاء والصدق
صرخة الإنسانية في وجه الظلام
تلوح في سماء وأرض وبيوت ومدارس ومستشفيات غزة هاشم أحداث مؤلمة تكشف عن وجه الإجرام والتطرف الصهيوني حيث تسفك الدماء البريئة وتُخترق المستشفيات، تحت وطأة الحجج الواهية فلا المقاومون فيها ولا دليل لذلك، إن مثل هذه الأعمال البشعة تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، فقد حاصر الصهاينة مستشفى الشفاء وقصفوه ليل نهار، وقتلوا المرضى وبعض من طواقم الإسعاف والطوارئ، منهم الأطباء وهددوا الأمن والأمان والسلام الذي يجب أن يسود في جميع غزة وفلسطين، وأنا أحدثكم بشكل موجز وقصير ومكان وموقع فقط من عدة مواقع يحل بها كل هذا الاجرام.
عندما ينهج المتطرفون الإسرائيليون طريق العنف والإرهاب، يكونون قد اختاروا إظهار جانبًا مظلمًا ينحرف عن قيم الإنسانية. وهذا بمثابة تهديدا لكل من هو ليس يهوديا في كل العالم بأسره، فأين تلك القيم التي تحترم حقوق الأفراد وتقدس حياة الناس، وتؤكد على أهمية العيش في سلام وتعايش
إذن أقول لكم أن المستشفيات هي التي تسجل الملاذ الآمن والطبي ومصدر الراحة للمرضى، وضحايا تلك الأفعال الهمجية. حين يتعرض المكان الذي يجب أن يكون آمنًا ومقدسًا لأشد أشكال الانتهاك، يكون ذلك إشارة إلى خطورة التطرف وعدم احترام قوانين الإنسان. داست إسرائيل على الإنسانية والقانون الدولي وعلى جثث الأمهات مع أطفالهن الرضع التي تحللت أجسادهم داخل وخارج الثلاجات لكثرة الضحايا وفي أروقة مستشفى الشفاء، فلا كهرباء ولا وقود لتحترم هذه الأجساد فقد نهشتها الكلاب، هذا ما فعلته إسرائيل بنا وما تفعله وهناك صور حيه موثقه
في نهاية هذا الألم لن نطلب الأمل ولا الرحمة إلا من الله فقد خذلتنا كل الدول ولا عاد مكان الإنسانية، ولكن شكرا للشعوب التي نادت بوقف العدوان على غزة ونددت بالقتل الذي مورس علينا. إن هذه الأفعال الوحشية تدعو إلى تضافر الجهود الدولية لمواجهتها بحزم، وضمان ومحاسبة المتورطين فيها. يجب على المجتمع الدولي أن يتحد في مواجهة التطرف والإرهاب، ويعمل بكل قوة على حماية حقوق الإنسان والحفاظ على الأمان والسلام للجميع
إن تصاعد هذه الجرائم يتطلب تحشيد الدعم الدولي والتفاعل الفوري للحد من تلك الانتهاكات الفادحة. لنتحد جميعًا في وجه هذا الظلام، ولننبذ العنف والكراهية، حتى تبقى قيم الإنسانية شامخة وتنتصر العدالة والتسامح
الإعلامية عبير الشمالي
من رام الله تلفزيون فلسطين