بعد عشرة أيام من خطابه إلى الأمة، في إطار مكافحة ومنع انتشار فيروس كورونا الذي أصبح "وباء عالميا"، خاطب رئيس الجمهورية غزالي عثمان المواطنين مرة أخرى، أمس الاثنين 16 مارس الجاري، لجذب انتباه القمريين وإعلان عن بعض الاجراءات التي من شأنها تساعد سكان جزر القمر على حماية أنفسهم من فيروس كورونا، الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية من قبل أنه أصبح وباء عالميا الآن، نتيجة الانتشار السريع للمرض في أغلبية دول العالم. وقبل الإعلان عن حزمة من الاجراءات المتخذة، عاد رئيس الجمهورية إلى حالة الوباء في العالم، متحدثا عن أكثر من 120.000 مصاب، مسجلة في 110 بلدا، ما تسبب في وفاة أكثر 6.351 شخصا. مقتبسا برسالة منظمة الصحة العالمية حيث أعرب غزالي عثمان عن أسفه لأن هذه الأرقام يمكن أن تزداد في الأيام وأسابيع القادمة
وأكد رئيس الجمهورية أن بلادنا قد تأثرت بالفيروس، في أشارة إلى الحالة المسجلة في جزيرة مايوت المحتلة. مشيرا قائلا "نحيي الاجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية في جزيرة مايوت، وندعو الله أن يحفظنا من هذا الوباء وجميع إخواننا وأخواتنا في القارة الأفريقية وحول العالم". وقال رئيس الجمهورية "من الضروري، فهم قوة هذا الوباء، وشرحه للمواطنين، وتوقع تطوراته المحتملة واتخاذ إجراءات لمنع والحد من انتقال هذا الفيروس إلى بلادنا وبقية العالم"
تعزيز أشكال جديدة من التضامن
وأكد الرئيس غزالي أن هذا الوباء يشكل تحديا على البشرية جمعاء، ولا يرى أنه من المناسب إغلاق الحدود الآن. وشدد على أنه "لا يمكن لأي بلد، ولا شعب، أن يعيش وحده أو عن طريق إغلاق الحدود"، موضحا العكس من ذلك، حيث يجب علينا "تشجيع التضامن الجديد ومجالات البحث العلمي الجديد، القائم الآن على تبادل المعرفة والحلول". ولحماية المواطنين، "باحتواء هذا الوباء وتخفيف آثاره" من الانتشار، تحدث رئيس الجمهورية في خطابه للأمة أنه يمكن أن تؤثر على جميع القطاعات، مشددا على أهمية "قياس التأثيرات وفق نظامنا الانتاجي لإعادة تعريف سياسات التعافي من أجل تخفيف الآثار الاجتماعية. وأن أزمة الصحة العامة هذه، تعزز أيضا، إرادتنا المؤكدة نحو تغيير هيكل اقتصادنا الذي يعتمد كليا على وارداتنا". وأعلن غزالي عثمان إجراءات فورية، اعتبارا من اليوم (أمس الاثنين) تعليق الاحتفالات المتعلقة بالزواج
وقال "يجب ألا يتجاوز عدد الحاضرين في حفلات إعلان الزواج عن 20 شخصا. وبالنسبة لمراسم الدفن، سيتم حصرها على أفراد الأسرة وأقارب المتوفى وسكان القرى المعنية. كما يتم تعليق حفلات التأبين السنوية. وقال رئيس الجمهورية "إن الاجتماعات الأخرى، والحملات الانتخابية، والتجمعات، والحفلات الموسيقية والترفيه وغيرها من الاحتفالات محظورة حتى إشعار آخر". وحول تدابير وضع الحجر الصحي، أكد غزالي عثمان أنه لا يزال سارية المفعول، وأنه "سيتم تعزيزها على جميع المسافرين القادمين من البلدان المتضررة بالوباء والتي تعتبر بلدان معرضة للخطر". وأضاف أن تدابير أخرى سيتم اتخاذها تدريجيا، في مجالات أخرى، وسيتم إعلانها لاحقا". مشيرا إلى إنشاء لجنة العلمية لقيادة عملية مكافحة فيروس كورونا
القمريون المغتربون
ووفقا لرئيس الجمهورية، فإن تطبيق هذه الاجراءات يستدعي رؤساء القرى والبلديات، وولاة المناطق والقضاة، لمراقبة تنفيذ هذه الاجراءات الفورية، حيث سيتم دعم هذه القوى إذا لزم الأمر بعناصر من الشرطة وقوات الأمن. وقال غزالي إن الحماية الحقيقية للسكان هي سلوك الجميع، رجالا ونساء، صغارا وكبارا، موضحا قائلا "علينا أن نحمي أنفسنا، من خلال حماية أنفسنا، نحمي الآخرين". مشيرا إلى أن مجموعة المعلومات حول تدابير الوقاية الأساسية ضد فيروس كورونا المستجد متوفر في وزارة الصحة
وذكر رئيس الجمهورية تدابير النظافة التي يجب مراعاتها، لاسيما غسل اليدين بشكل متكرر، بمحلول كحولي مائي أو بالماء والصابون، وتجنب الاتصال الوثيق، خاصة مع الأشخاص الذين يسعلون أو يعطسون أو لديهم الحمى، وتجنب المصافحة ولمس الوجه والعينين والأنف والفم واحترام قواعد النظافة التنفسية. وقال "بهذه الطريقة سنوقف انتشار الفيروسات ومسببات الأمراض الأخرى". وبالنسبة للقمريين المغتربين، خاصة في البلدان المتضررة من الوباء، طلب الرئيس منهم أن ينتبهوا لتعليمات السلطات هناك، ومراقبة واحترام التدابير المتخذة في أماكن إقامتهم
مدن شبه مهجورة..العالم مغلق بسبب كورونا حتى إشعار آخر
هذا وبدت العديد من العواصم والمدن شبه مهجورة مع اتخاذ الحكومات إجراءات قاسية لاحتواء فيروس كورونا الذي اجتاح أوروبا قادما من الصين وتسلل لأفريقيا بعد أن استوطن دولا بالخليج والشرق الأوسط. وقد ألغت العديد من الدول الرحلات الجوية، وأغلقت المنافذ البرية والبحرية، وعلقت الدراسة، وأغلقت المساجد والكنائس في أنحاء متفرقة من العالم، وصدرت تعميمات بإغلاق المطاعم والنوادي والمقاهي وحظر التجمعات. وطالبت منظمة الصحة العالمية كل الحكومات ببذل المزيد من الجهود، في حين يواصل الفيروس انتشاره بأنحاء العالم
وطالب مدير عام المنظمة تيدروس دول العالم بمزيد من الإجراءات، وقال إن الطريقة المثلى لتفادي الإصابات وإنقاذ الأرواح هي كسر سلسلة انتقال العدوى من خلال الفحص والعزل. من جهة أخرى، أكد قادة دول مجموعة السبع أن فيروس كورونا يشكل مأساة إنسانية وأزمة صحية عالمية، وأن مخاطره كبيرة على الاقتصاد العالمي. كما أشار قادة المجموعة إلى أن تحديات انتشار الفيروس تتطلب مقاربة دولية قائمة على العلم والبراهين، وأن دولهم ستنسق الجهود للحد من انتشاره ومن ضمنها اتخاذ تدابير تتعلق بالحدود
الصين..الوضع تحت السيطرة
وبلغت حصيلة الإصابات بفيروس كورونا المستجد 168 ألفا و250 حول العالم، في حين بلغ عدد الوفيات 6501 في 142 بلدا. وتستند هذه الحصيلة إلى بيانات جمعتها وكالة الأنباء الفرنسية من السلطات الوطنية والمعلومات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية. وواصل فيروس كورونا التراجع في الصين التي ظهر فيها لأول مرة في ديسمبر الماضي حيث أصاب حتى الآن 80.860 شخصا وأدى لوفاة 3213، معظمهم في مدينة ووهان عاصمة إقليم هوبي. لكن الصين سيطرت على الوضع، وطيلة الأسابيع الماضية انخفض عدد الإصابات والوفيات في البلاد
ومنذ أمس الاثنين سُجلت 21 إصابة جديدة و13 وفاة هناك. وأعلنت صباح اليوم سلطات مدينة ووهان، التي انطلق منها الفيروس، أنها ستلزم القادمين إليها من خارج البلاد بالخضوع لحجر صحي لمدة 14 يوما. من جهة أخرى، أعلنت كوريا الجنوبية فجر اليوم تسجيل 84 إصابة جديدة، ليرتفع عدد الإصابات بالبلاد إلى 8320
إيطاليا..البؤرة الجديدة للفيروس
وبعد تعافي الصين، أصبحت إيطاليا الدولة الأكثر تأثرا بالفيروس على مستوى العالم، وخلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة سجلت في إيطاليا 349 حالة وفاة إضافية، ليصل عدد الوفيات في البلاد جراء الفيروس إلى 2158. فيما بلغ عدد الإصابات أزيد من 24 ألفا. وفي إيران أعلن عن وفاة أحد أعضاء مجلس الخبراء المكلف تعيين المرشد الأعلى للجمهورية جراء إصابته بكورونا. ووصل عدد الوفيات إلى أكثر من 853 شخصا، وبلغت الحصيلة الإجمالية للمصابين 15 ألفا على الأقل. وفي إسبانيا قفز عدد الوفيات إلى 342 والإصابات إلى 9900، كما أعلن عن إصابة عمدة مدريد بفيروس كورونا المستجد
وفي فرنسا تم تسجيل 127 وفاة و5423 إصابة. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب متلفز إن فرنسا ستفرض قيودا على الحركة ابتداء من اليوم الثلاثاء ولمدة 15 يوما على الأقل، كما أعلن إغلاق الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي. وأمر وزير الداخلية الفرنسي 100 ألف عنصر من قوات الأمن بالانتشار في كامل البلاد لمراقبة احترام الإجراءات التي أعلنها ماكرون، وقال "سنعاقب كل من يخالف الإجراءات بغرامات مالية". وفي الولايات المتحدة بلغ عدد الإصابات 4464، في حين بلغ عدد الوفيات 78 شخصا. ونقلت شبكة "سي أن أن" عن مصادر في البيت الأبيض أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس إمكانية فرض حظر للتجوال في الولايات المتحدة