فأخذت باريس منذ أيام تعد العدة لشن حملة شعواء سمتها "ووامبوشو" تهدف إلى الترحيل القسري للقمريين المقيمين، في مايوت القمرية، من غير الأوراق الثبوتية الفرنسية وتهجيرهم منها عنوة إلى شقيقتها جزيرة أنجوان التي لا تبعد عنها إلا بمسافة 27كم، كما تشمل هذه العملية القذرة تدمير الأحياء الفقيرة التي يسكن فيها آلاف القمريين من الجزر الثلاث المستقلة يقدر عددهم المبرمج للترحيل 10.000 مواطن قمري، من نساء وأطفال وكبار السن، ومرضى ومعاقين ممن -من الآن فصاعدا- يحرمون من منازلهم، والعيش على كامل تراب وطنهم، والتمتع بحقوقهم الإنسانية التي تكفلها لهم -كغيرهم- العهود والمواثيق الدولية التي -على ما يبدو- كأنها عناوين عريضة ولافتات مطاطية "لا ناقة لهم فيها ولا جمل"
وسيتم علاوة على ذلك ترحيل عدد هائل من جنسيات أخرى إلى وطننا وفرضهم علينا، رغم أنوفنا، ليبرز على سطح مجتمعنا مسلسل "بدون" أو بذور وجراثيم حروب عرقية وطائفية، وإلا فلماذا يرحلون -قسريا- إلينا من غير عنوان وفي هذا التوقيت بالذات؟
وتشير المصادر المطلعة إلى أن ثمة استعدادات وتعزيزات كبيرة تقوم بها وزارة الداخلية الفرنسية، بإشراف مباشر من الوزير، لهذه العملية الواسعة النطاق حيث تقرر على وجه الخصوص إرسال 400 من رجال الدرك المتنقلين، ومجموعة كبيرة من قوات الأمن الجمهوري (CRS) متخصصة في العنف الحضري
ويبدو أن هدف فرنسا وراء هذه العملية الكارثية المقرر إجراؤها رسميا اعتبارا من بعد شهر رمضان المبارك، وبالتحديد من 20 أبريل الجاري إلى 30 يونيو القادم، يكمن في ترسيخ وجود نفسها بشكل دائم كقوة عظمى في غرب المحيط الهندي على حساب عشرات الآلاف من القمريين والأفارقة الآخرين، وعدم وجود حكم ديمقراطي رشيد لدولة مستقرة قادرة على بناء نفسها بإرادة شعبها وموارد اقتصادها، وذلك -للأسف الشديد- من أجل التحكم بهذا الموقع الاستراتيجي ووضع قبضتها الحديدية على ثروتنا البترولية
وفي هذا الصدد، لعل من نافلة القول: الإشارة إلى أن عرقلة الشركة العربية لصيد الأسماك في جزر القمر وإغلاق أبوابها وإيقاف عملها والتي كانت قد وظفت ألوفا من القمريين، تمت بسبب تدخلات الدولة العظمي بمساحيق الاتحاد الأوروبي المستفيد من ثروتنا السمكية دون أية ثلاجة على أراضينا وإنما بمقابل آلاف من الدولارات
والمضحك المبكي للوضع المر الذي يجري في مايوت القمرية تحت الإدارة الفرنسية وتعتبرها فرنسا مقاطعتها الواحدة بعد المائة تواطؤ النظام، وخداعه الشركاء الدوليين بازدواجية الخطابات والمعايير وحياكة الأكاذيب، وهو -لحاجة في نفس يعقوب- شريك الترحيل والتشريد القهري والتي تشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والالتزامات الدولية من قبل فرنسا التي طالما تطبل للبشرية جمعاء قيم الحضارة والحرية والعدل والإخاء وحقوق الإنسان
الدكتور حامد كرهيلا
سفير جزر القمر السابق لدى الرياض