أكد سماحة مفتي الجمهورية الشيخ أبو بكر سيّد عبدِ الله جمل الليل، أن الشفافية إحدى أهمّ وسائل مكافحة الفساد في المجتمعات والمؤسسات، وأن تعزيزها يعد ضرورة ملحَّة لتحقيق التنمية في جميع المجالات. وأضاف في كلمته خلال فعاليات اليوم الأخير للمؤتمر الدولي السابع لدار الإفتاء المصرية، إلى ضرورة تضافر الجهود وتوحيدها لمحاربة آفة الفساد والقضاء عليه، لأنه يؤدِّي إلى تعطل التنمية ويقضي على موارد الدولة والفرص المستقبلية ويؤخِّر عجلة التنمية والتطور، بما يدفع للتعاون وتحقيق الأهداف في مواجهته بكل حزم، تلبيةً لتطلعات الشعوب والحكومات والدُّوَل
ودعا سماحته إلى رفع الوعي العام بالشفافية ومحاربة الفساد، وعقد الندوات العلميَّة، وتنفيذ البرامج التدريبية، للتعريف بأشكال الفساد التي قد تنشأ في المؤسَّسات وفي المجتمع، بهدف الإسهام في الارتقاء بالمستوى الفكري والثقافي لأفراد المجتمع، وتعزيز الوعي والاهتمام بالقضايا الاقتصادية والسياسية والبيئية المتعلقة بالتنمية المستدامة. مؤكدا دور الشباب في دعم أهداف التنمية المستدامة، والنهوض باستراتيجيتها، وإطلاع المؤسَّسات الإعلاميَّة على حقيقة دَورها في دعم الفتوى فيما يتعلق بتعزيز قيم الشفافية ومحاربة الفساد، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتقديم ذلك للمجتمع
وكان المؤتمر الدولي السابع لدار الإفتاء المصرية، قد انطلق يوم الاثنين 17 أكتوبر الجاري، واستمر يومين، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت عنوان "الفتوى وأهداف التنمية المستدامة". ويمثل المؤتمر نقطة انطلاق مهمة في دراسات التنمية المستدامة في ضوء استضافة مصر لقمة المناخ في نوفمبر المقبل، وبيان ارتباط الفتوى بهذا الشأن، وكيف تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية وحسن استغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجيات الأفراد في ظل ما يواجه العالم من تداعيات مناخية تمثل تدهورًا بيئيًّا يجب التغلب عليه. وشهدت النسخة السابعة تمثيلًا عالي المستوى من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، كما شارك فيها وزراء وعلماء ومفتون ومختصون من 90 دولة حول العالم، بهدف مناقشة الربط بين عمارة الأرض وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في الكون
مشاركة 90 دولة في المؤتمر
وكان مفتي مصر ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم الدكتور شوقي علام قد أعلن في ختام فعاليات المؤتمر، البيان الختامي الذي استعرض ما تم إنجازه خلال المناقشات وورش العمل التي شارك فيها نُخبةٌ مِنَ كبار المفتين والوزراء وعلماء الشريعة ورجال الفكر والإعلام والباحثين وعلماء الاقتصاد والاجتماع والسياسة والمتخصصين في قضايا البيئة وتمكين المرأة وغيرها من القضايا التي تَمَسُّ الإنسانَ في كل مكانٍ. وقال إن المؤتمر عُني في جَلساتِه وأبحاثِه ونِقَاشاتِه وَوِرَشِ عَمَلِهِ بِقضايا الفتوى الشرعية ودورها المؤثر في تحقيق التنمية للدول والمجتمعات، وكيف يمكن للفتوى أن تكون ركنًا في إعمار الأرض الذي أمر به سبحانه وتعالى
ولفت إلى أن المؤتمر حرص على تحقيق مجموعة من الأهداف، من أهمها: تحديد ماهية وأبعاد "التنمية المستدامة" وإبراز أهدافها ومبادئها وعناصرها، مع رصد التطور التاريخي لمفهوم التنمية، وتحديد المفهوم الشرعي لـ"التنمية المستدامة" وتأصيله في القرآن الكريم والسنة النبوية، وتحقيق شواهد التنمية المستدامة من القرآن والسنة، وترسيخ قيم التنمية المستدامة في الدولة الحديثة. وكان من أهم أهداف المؤتمر تحليل التجارب العالمية والدولية في التنمية المستدامة، وبيان علاقة الفتوى الشرعية بالتنمية المستدامة، وتقديم مخرجات إفتائية علمية رصينة تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة
وأشار فضيلة المفتي إلى أن المؤتمر استهدف توضيح دور الفتوى في تحقيق الأهداف الاجتماعية والثقافية والبيئية للتنمية، خاصة: قضية التغير المناخي وتمكين المرآة، حيث انطلقت جلسات المؤتمر المثمرة تحت شعار "نحو إفتاءٍ داعمٍ للتنمية المستدامة"، وناقش المحور الأول للمؤتمر دورَ الفتوى في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتناول في المحور الثاني دورها في مواجهة معوقات التنمية، ثم ختم في المحور الثالث بأحد أهم قضايا هذا العصر، وهو دعم الفتوى للاقتصاديات الوطنية. موضحا أنه عقدت على هامش هذه الجلسات مجموعة من ورش العمل، تناولت الورشة الأولى منها قضية: "تأهيل القادة الدينيين لتعزيز أهداف التنمية المستدامة"، أما الورشة الثانية فناقشت "التكامل بين العلوم الشرعية والعلوم الاجتماعية والطبيعية في تحقيق أهداف التنمية". وأعلن في ختام كلمته عن إطلاق عدد من المبادرات المهمة والمخرجات المتميزة التي أَثْرَتِ المؤتمر وجلساته وحلقاته النقاشية، فضلًا عن مجموعةٍ مِنَ التَّوْصِيَاتِ والْقَرَاراتِ المهمَّةِ الَّتي خَلَصَ إليها من اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ