وفي الكلمة التي ألقاها الشيخ أبو بكر عبد الله جمل الليل خلال الجلسة العامة السابعة للمؤتمر، قدم شكره وتقديره لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المصرية الدكتور محمد مختار جمعة على التنظيم الرائع للمؤتمر وعلى حسن اختيار موضوعه، مؤكدا أن الاختلاف سنة كونية، حيث يقول سبحانه وتعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ). وقال سماحة المفتي بأنه لابد من الحوار الذي يمثل الأداة الحضارية بين البشر أفرادا وجماعات، وأن للحوار فوائد عديدة ومن بينها الحفاظ على الدين والتقريب بين الشعوب والأفراد وبناء الحضارات، وهذا ما دعا إليه الإسلام وذلك في قوله تعالى "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا". وأضاف الشيخ أبو بكر بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قام بإرسال الرسل إلى الملوك والرؤساء، مؤكدا بأن الحوار البناء أعظم بكثير من الصدام مع الناس
أما الدكتور محمد مختار جمعة، فقد أشار في كلمته إلى أن "الحوار البنّاء هو الذي يهدف إلى التفاهم والتلاقي على مساحات مشتركة، وأهداف إنسانية عامة، لا تمييز فيها على أساس الدين أو اللون، أو الجنس أو القبيلة. فتحقيق المواطنة لا يقتضي التعايش بين أصحاب الديانات المختلفة فحسب، بل يقتضي أيضاً إعطاء الجميع نفس الحقوق والفرص، والحوار البنّاء يتطلب إنصاف الآخر"
بدوره، قال الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الزيد، الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي، إن "الناظر إلى التاريخ يرى صدى للدعوات الهدامة، والمتتبع لهذه الدعوات يرى أنها لا تمتّ إلى الدين بصلة، فالأديان بريئة من الدعوة إلى الحروب وسفك الدماء"، مضيفاً أن الاختلاف في الدين "ليس مدعاة للحرب أو سفك الدماء، بل إن ثقافة الإسلام تقوم على أن الذي يختلف معك في الدين هو أخ لك في الإنسانية"
وفي ختام المؤتمر، أعلن الدكتور محمد مختار جمعة توصيات النهائية لأعمال المؤتمر حيث أشار إلى أن الحوار البناء يهدف إلى التفاهم والتلاقي على مساحات مشتركة وأهداف انسانية عامة، لا تميز فيها على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو القبلية. كما أشار البيان الختامي إلى إعلاء قيمة الحوار مطلبٌ أكدت عليه جميعُ الشرائع السماوية، وجميعُ الحضارات والثقافات الرشيدة باعتباره صمام أمان للجميع، وضرورة العمل على نشر لغة الحوار ومراعاة ضوابطه عبر وسائل الإعلام المختلفة
وترسيخُ مبدأ الرأي والرأي الآخر، وعدمِ التعصب الأعمى والاستعلاء بالرأي على حساب الرأي الآخر، وإحلال لغة الحوار محل لغة الصدام، يسهم في تحقيق الأمن المجتمعي والسلام العالمي. والعمل على تعزيز الحوار الديني والثقافي والحضاري على جميع المستويات الوطنية والدولية. والتأكيد على أن الحوار بين الأفراد، يعادله التفاهم بين المؤسسات، والتفاوض بين الدول، وتحقيق ذلك على أرض الواقع يدعم السلام المجتمعي والعالمي. والتأكيد على أن وحي السماء ما نزل إلا ليرسم للإنسان طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ويعلمه قيم الرحمة والحق والخير، ويحفظ دمه وماله وعرضه، وأن من خرج عن ذلك فقد خرج عن فهم صحيح الدين
كما أكد البيان على أهمية دور الإعلام في دعم قيم التسامح ونبذ العنف وأهمية التغطية الإعلامية المهنية للأحداث، وضرورة وضع ميثاق شرف إعلامي دولي يوفق بين ضرورات حرية التعبير والرأي وبين مقتضيات احترام الثقافات والأديان. بالإضافة إلى التأكيد على الرفض المطلق للتطرف والإرهاب وللكراهية والتعصب ورفض التوظيف السياسي لأي من ذلك كأداة لتفتيت الدول وهدمها أو لحصد الأصوات وكسب الانتخابات، والتأكيد على رفض ربط التطرف والإرهاب بأي دين، ورفض الزج بالأديان والمقدسات في ساحات الصراعات الانتخابية والسياسية والتحذير من أن مخاطر الإساءة للمقدسات والرموز الدينية هي تهديد للأمن والسلم الدولي، ولا ينجم عنها سوى المزيد من العنف والتطرف وتأجيج المشاعر وخلق العداوات، وأن الهدف من الحوار بين الثقافات ليس محاولة تغيير ثقافة أو هيمنة ثقافة على باقي الثقافات، ولكن أن نصبح أكثر فهمًا ومعرفة واحترامًا لثقافاتنا المتنوعة