الوطن: في البداية كسفير لخادم الحرمين الشريفين، تحتفل المملكة العربية السعودية اليوم بعيدها الوطني الـ91، ما الذي يميز هذه المناسبة في هذا العام؟
السفير: حققت المملكة العربية السعودية تطوراً كبيراً خلال هذه السنوات مكنتها من الاستفادة من التقنيات الحديثة في جميع المجالات. تتميز المملكة في ريادتها في تطبيق خدمات الحوكمة الإلكترونية دولياً واقليمياً، وذلك من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قبل الجهات الحكومية لتحقيق أهداف رئيسية تتمثل في تحسين جودة الخدمات العامة، وتعزيز التفاعل بين المؤسسات الحكومية والشركات والأفراد، ومثل ذلك عاملاً جاذباً للعديد من الشركات الكبرى لتستفيد من هذه الإنجازات والمميزات، وعلى سبيل المثال تقوم وزارة الداخلية بإصدار جوازات السفر والهويات الوطنية عن طريق البرامج الإلكترونية، ويأتي حرص المملكة على توظيف الحوكمة الإلكترونية في مجالات متعددة على نطاق واسع، لتسهيل الإجراءات على الأفراد وتخفيض التكاليف وتوفير الوقت والجهد لتحسين الأداء الحكومي، وبهذه المناسبة أتمنى أن تبدأ حكومة جزر القمر في تطبيق خدمات الحوكمة الإلكترونية، كما نأمل أن تبدأ الجمهورية من حيث انتهي الآخرون، ويمكنها الاستفادة من التقنيات الحديثة في تطويرها، بدعم بلا شك من شركائها، وهي خطوة مهمة وفعالة في إطار تنفيذ خطة جزر القمر الناشئة التي أطلقها فخامة الرئيس عثمان غزالي لجعل جزر القمر دولة ناشئة بحلول عام 2030م
الوطن: بعد ست سنوات من افتتاح سفارة المملكة العربية السعودية في جزر القمر، ما رأيكم في التعاون القائم بين موروني والرياض؟ وكيف تقيم هذا التعاون؟
السفير: إن العلاقات الأخوية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية القمر المتحدة قديمة للغاية وليست وليدة اليوم. وقد توجت هذه العلاقات القائمة بافتتاح السفارة في موروني، وهذه الروابط القوية تعود أصلا إلى ما قبل استقلال الجمهورية، وقد تحققت العديد من الإنجازات في مجال التعاون بين البلدين. وإنني مهتم بدرجة كبيرة في تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في جميع المجالات من أجل ترسيخ هذه الروابط المميزة بين البلدين. وبالفعل فقد ساهم بشكل أساسي افتتاح السفارة في موروني في تعميق التعاون الثنائي وتعزيز التنسيق المشترك وتسهيل التواصل بين بلدينا، حيث تجسد ذلك في تنفيذ الكثير من المشاريع مثل طريق (مطار هاهايا-ميتساميهولي) وطريق (ديندي-ليغوني) بجزيرة أنجوان، إضافة إلى إقامة عدد سبع مدارس (جاري انشائهم) وذلك على سبيل المثال لا الحصر. وهو الأمر الذي يؤكد أن افتتاح سفارة المملكة العربية السعودية في موروني أعطى دفعة جديدة لهذه العلاقات المتميزة بصورة تعكس بالتأكيد الرؤية الحكيمة لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين -حفظهما الله- لدعم جمهورية القمر المتحدة والوقوف بجانبها
الوطن: قامت المملكة العربية السعودية من خلال الصندوق السعودي للتنمية، بتمويل عدة مشاريع تنموية في جزر القمر منذ عام 1975م. ولكن في الحقيقة، هذه المشاريع ليس لها تأثير على أرض الواقع ولا يراها المواطن العادي، فلماذا؟ وماذا تفكرون ليكون هناك المزيد من التأثير والوضوح لأعمال المملكة في البلاد؟
السفير: أعتقد أن المشاريع الممولة من قبل المملكة من أكثر المشاريع تأثيرا في الجمهورية ويلمسها المواطن العادي دائما، ومن المهم التأكيد على الدور الذي يجب أن تلعبه وسائل الإعلام في هذا الصدد لأن اهتمام وسائل الإعلام بتغطية المشاريع التي تم تنفيذها بالفعل بشكل موضوعي له دورا هاما في التنمية باعتبار ذلك عاملا مشجعا ومحفزا لجميع الأطراف وشركاء التنمية للانخراط في أدوار أكبر لدفع الاقتصاد إلى الأمام. وفي إطار ذلك لابد أن يكون هناك موضوعية ومصداقية في الصحافة، ولا أتحدث عن المشاريع الممولة من المملكة فحسب بل من جميع الشركاء. ومن ثم تتجلى أهمية دور وسائل الإعلام في إيضاح حقائق المشاريع التنموية ميدانيا واشراك المواطن بطريقة أو بأخرى في التعرف عليها ومتابعة الجهود التنموية الاقتصادية بالتعاون مع الشركاء الدوليين. ولقد ناقشت هذا الأمر بالفعل مع بعض المسؤولين ووعدوا بالاهتمام به
الوطن: منحت السعودية من خلال صندوقها للتنمية دعماً ماليا لتمويل مشاريع التنمية، فما هي القطاعات المستفيدة، وكيف تقيمون قدرة الدولة على الاستفادة من هذه المنحة؟
السفير: انطلاقا من دور المملكة العربية السعودية التنموي الرائد والعلاقات الأخوية والودية بين البلدين، كانت المملكة من الدول السباقة والمبادرة في دعم المشاريع التنموية في جزر القمر بما فيها مجالات البنية التحتية، كبناء الطرق والمستشفيات والمدارس عن طريق الصندوق السعودي للتنمية، ويمتد أثر هذا الدعم على نطاق واسع ليشمل الجزر الثلاث وذلك منذ أكثر من 45 عاماً تقريبا، ونتطلع من جانبنا لاستقطاب رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين للمشاركة في ُسبل الدعم المقدم خاصة في القطاعين الصناعي والتجاري. صحيح أن هناك بالتأكيد مشاريع تم تنفيذها بالفعل، لكن هناك مشاريع أخرى قيد التنفيذ أيضًا وأخرى تحت الدراسة
الوطن: هل يشكل الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية مؤخرا في قطاعات مثل البنية التحتية للطرق والمدارس وامدادات المياه نقطة تحول في التعاون الذي تميز منذ فترة طويلة بنشاط المنظمات غير الحكومية السعودية؟
السفير: لا أستطيع أن أقول إن هذه نقطة تحول لأن التعاون بين البلدين قائم ومتميز منذ مرحلة ما قبل الاستقلال. فقد تم بناء ثلاث مستشفيات في الثمانينيات: كوامباني-ونيوماشيوا في موهيلي وتسيمبهو في أنجوان وكذلك طريق الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود في جنوب انغازيجا. وستستمر المملكة في تقديم دعمها المتعدد لتحقيق التنمية في الجمهورية والتقدم للشعب القمري الشقيق. بالإضافة إلى ذلك، قدمت المملكة العربية السعودية دعما لميزانية الحكومة القمرية، وفي عهد الرئيس السابق إكليل ظنين، بلغ حجم الدعم حوالي 40 مليون يورو لسداد الرواتب المتأخرة لمدة ثلاثة أشهر. حيث كان آخر دعم في هذا الصدد في عام 2020م، حيث قدمت السعودية خمسة ملايين دولار. وساهم ذلك في مؤازرة الحكومة القمرية في جهودها لاحتواء فيروس كورونا، حيث جاء هذا الدعم في وقت شهدت البلاد بداية الوباء. كما قدمت المملكة العربية السعودية مساعدات طبية تحتوي على مواد لمكافحة فيروس كورونا بقيمة 750 ألف دولار في عام 2021م، وكذلك أرسل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مجموعة من الأطباء إلى جزر القمر بالتنسيق مع وزارة الصحة لإجراء فحوصات طبية مجانية وعمليات اليوم الواحد للمرضى
وستصل بعثة طبية سعودية إلى البلاد في المستقبل القريب لإجراء عمليات جراحية وتقديم الخدمات الطبية للمحتاجين. كما أن هناك العديد من الكوادر بالجمهورية تخرجوا من الجامعات السعودية المختلفة وهم الآن يتقلدون أعلى المناصب بالدولة ومن بينهم وزراء ومدراء ونواب وإداريين وخطباء وعلماء كبار (وعلى رأسهم مفتي الجمهورية الحالية الشيخ أبو بكر سيد عبد الله كأول خريج قمري في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة). إضافة إلى قيام المملكة بتحمل النفقات الدراسية لمجموعة من الأطباء القمريين في تنزانيا، كما أن السفارة تقوم بمنح كل سنة عددا من التأشيرات للطلاب القمريين الحاصلين على منح دراسية في الجامعات السعودية المختلفة، وأنه على سبيل المثال هذه السنة قامت السفارة باستخراج نحو 40 تأشيرة حتى الآن لصالح الطلاب القمريين، علماً بأن الطالب يحصل على المنحة بعد تقديمه في البوابة الالكترونية لكل جامعة من الجامعات السعودية ونحن في السفارة نقوم بإصدار التأشيرة، حيث أن كل جامعة من الجامعات السعودية لديها نسبة معينة لجميع الدول
الوطن: لقد تسلمت للتو منصبك كسفير جديد للمملكة العربية السعودية مقيم في جزر القمر، فما هي أولوياتك في السنوات القادمة؟
السفير: ترتكز مهمة الدبلوماسي في المقام الأول على تطوير وتعزيز العلاقات القائمة من أجل تحقيق المزيد من النتائج لخدمة المصالح المشتركة لكلا البلدين. وتنفيذا لتوجيهات قيادتنا الحكيمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين وانطلاقا من العلاقات الوثيقة بين بلدينا، سأعمل بلا كلل على تعزيز هذه الروابط الوطيدة والارتقاء بها إلى آفاق أرحب، والعمل على متابعة الاتفاقات المبرمة بين بلدينا، ولاسيما فيما يتعلق بتنفيذ المشاريع المتفق عليها. كما آمل في إقامة شراكة حقيقية بين رجال الأعمال في مجالات الصناعة والتجارة والأعمال والاستثمار من خلال تشجيع المستثمرين السعوديين على تنفيذ مشاريع واعدة في جزر القمر. ونأمل أن يقوم اتحاد غرف التجارة والصناعة بجزر القمر بتقديم التسهيلات اللازمة في هذا الصدد. أود أن أذكركم أن المملكة حكومة وشعبا تكن كل الاحترام والمودة للشعب القمري الشقيق وترحب السفارة بأي اتصالات للمواطنين أو الصحفيين للحصول على أي استفسارات خاصة فيما يتعلق الحج والعمرة