وهذا الاحتفال يدل على الأهمية التي توليها الشعوب للتكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصالات التي تتيح لنا بالاستفادة من الإنترنت والحصول على المعلومات المفيدة لنا. كما أن ظهور الهواتف الذكية أدت إلى تسريع نمو ظاهرة الاعتماد على الإنترنت في حياتنا وزيادة تأثير هذه الشبكة على الأشخاص وعلى المجتمعات. ولا يوجد أحد يستطيع أن ينكر فوائد الإنترنت الكثيرة، ولكن مما لا شك فيه هو أن هناك خسارات كثيرة على الفرد والمجتمع خاصة خطورة الانهيار الأخلاقي الذي يلاحظ كل يوم في تلك الشبكات
لذلك توجد أهمية كبيرة للمسلم في معرفة الموقف الذي يجب عليه اتخاذه تجاه الشبكة العنكبوتية، التي لها إيجابيات وسلبيات. ومن ضمن سلبياتها، ترويج الأكاذيب وإذاعة الإشاعات، وازدراء الآخرين والسخرية منهم، ونشر الصور الفاضحة والفيديوهات الخليعة
والسؤال الذي نطرحه هو: ما موقف المسلم تجاه الإنترنت؟ وما السبيل إلى تدبير علاقة أمثل، بين المسلم وعالم الإنترنيت؟
أولا: يجب على المسلم أن يمتنع عن نشر وتوزيع الأخبار الكاذبة أو غير المؤكدة أو التي لا تعنيه اتباعا لقوله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم}[الإسراء: 36]. إنها دعوة تحذيرية من الله سبحانه وتعالى، بأن يتحرى المرء ويتبين، قبل أن يلفظ كلاما أو يردد قولا لا علم له به، فكم من الرسائل المكتوبة والأخبار المنشورة، أباطيل وأكاذيب لا يعرف أحد حقيقتها إلا مفتريها، بل إن المشكلة المضافة حين يتم تداولها بين من ينتمون إلى سلك المثقفين، استقبالا وترويجا، دون تثبت، قال تعالى: {إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب}[غافر: 28]، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث للبخاري ومسلم، «وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا»
ثانيا: يجب على المسلم أن يحذر من إشاعة الفاحشة لقوله تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}[النور: 19]. ونحن نرى كل يوم انتشار تداول الصور والأفلام الإباحية، والتي تلقى على الشبكة عناية واهتماما من لدن شرائح عمرية مختلفة، ومستويات اجتماعية متنوعة. ولقد حرم الإسلام الممارسات الإباحية بشتى أنواعها، بداية من النظرة الحرام، وصولا إلى الوقاع المحرم، {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} [النور: 30]، {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ً}[الإسراء: 32]. ومما لاشك فيه أن جرم الإباحية يتضاعف عند إشاعة مشاهدها عبر منصات الواتساب أو الفاسبوك أو غيرها، نظرا لدورها في نشر الفاحشة، والتطبيع مع الرذيلة
وأمام هذه المخاطر والمحاذير، يبدو لدى البعض أن أسلم طريقة للتعامل مع الإنترنيت هي الاستغناء والتخلي عنه، نظرا لآثاره السيئة على النفس والمجتمع. لكن الصواب أن تدبير علاقة المسلم بالإنترنت لا تتم على هذا النحو، فالكثير مما أوجده الله في هذا الكون إلا ويحمل خيرا من وجه، وشرا من وجه آخر. والحل المناسب هو تقوى الله في السر والعلن
فقد جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فقال له "أوصني" فقال "راقب الله"، فقال الرجل "وما مراقبة الله؟"، فقال "أن تستحي من الله"، إنها عبارات جامعة لكل معاني الخير، دافعة لكل ألوان الشر، موصلة إلى مرضات الله ورضوانه. فمراقبة الله تحجم الإنسان عن الكذب، ونشر الأكاذيب، وتنزهه عن السخرية والاستهزاء بالغير إشاعة وتداولا، وتعفه عن الدخول في المواقع الإباحية، مشاهدة ونشرا. ومراقبة الله علاج للعديد من الأدواء النفسية والتربوية والاجتماعية
وفي الختام، يجب أن نستغل المواقع والمنصات الإلكترونية للدعوة إلى الله ولنشر قيم الخير والمحبة والسلام لدى الجميع وبالله التوفيق
محمد حسين دحلان
باحث ماجستير في الشريعة الإسلامية
وخطيب في جوامع موروني