إن الخير والشر خصلتان تحتلان مكانا في مسيرة الحياة، ملتصقتان بالإنسان مع وجوده في أي مكان وفي أي زمان، ولهما القوة في تغيير المرء وإعطائه صورة أخرى، فيوصف المرء بالخير والبركة أو العكس، فيوصف شريراً فتاناً إلى مثل هذه الصفات السيئة، كما هو الحال مع الزمان والمكان نقول خير الزمان أو بئس الزمان وهكذا
وتتجدد الزمان وتتعاقب الأجيال في ضياع عن الحق وبطلان من الفكر حتى يأتيهم رسول مؤيد بالوحي، فوضع مبادئ التمييز بين الحق والباطل، وقواعدها غرس في قلوبهم حب الخير والاقدام إليه وإعطاء الوجود حوله نسمة وجمالاً، وينشرح صدر المرء له وتلين أعصابه من أجل هذا التغيير، إذ لا يخفى على أحد أن الوحي أعطى لحياة المرء مكاناً مميزاً وقيمة ثمينة، إذا تمثل المرء في فعله منطق الوحي والنهج السليم، ورأى أحقية عموم الخير في ربوع الأرض، والخير ما يتباها به المرء في قومه حين يقوم بالأنسب واللائق الذي يتشرف به قومه، فالإنسان مطبوع في حبه الخير إن لم يأته خلل في ذهنه بسبب نشأة سيئة قبل ينعه، ورأى الليلة في نهارها فيرى الأشياء في غير صورتها الحقيقية فيصبح غير طبيعي، فيهوى القيام بالشنيعة والرذيلة والمسيئة وجرأة القيام بمخالفات الطبيعة
يصيبه العناد والجفوة وحب الانتهاكات بحقوق الآدمي فهو إلى الحيوانية أقرب من الإنسانية فلا يرضى لنفسه شيئاً سوى العبث بالطبيعة وتحويلها إلى الفساد المضل، كتغيير خلق الله وإقناع ضعفاء القوم بجواز الاختيار والمساواة بين الخير والشر
تصدقون أن مكارم الأخلاق هي المنقذة للبشرية، والحامية لحقوق الإنسان المطورة للفكر، والمنهضة للعقول الحرة المحبة للخير، والمنيرة للطريق التي تناشد لها الأديان منذ بداية الحياة إلى حاضر اليوم، ومن هذه البداية إلى الآن وهي تحبو وتنمو بين الناس بالفكر وتيقن بالقدر المستطاع والميسر لما ينالها من مضايقات وعناد بشتى أنواعه، والرفض جملة للأخلاق الفاضلة والتحدي أحيانا بمواجهات حربية شرسة
وهل تعرفون أن معظم الناس ممن قبلنا، من ماتوا وقتلوا مضطهدين بأسوأ الأساليب التعذيبية، ليس أكثر سوى أنهم طلبوا الحياة المغذاة بحصائل بشرية مرتفعة عن الحياة الحيوانية، يريدون أن يكونوا أحراراً في المأكل والمشرب والملبس ؟ وأن يكون لهم قولاً مسموعاً و مسموحاً في عقائدهم وعاداتهم ويتحدثوا عنها بألسنتهم، وهل تعرفون أن من الأموال ما تبذل على الدوام للحد عن هذه المكارم وتبديل صورتها حتى يتساوى بين الحق والباطل، وبين الجمال والوقاحة ليتيسر للإنسان الإقدام لفعل يريده دون خوف من دينه، وليكون جميع الأمور متساوية "فليفعل ببدنه ما يشاء". إن أراد فليكن رجلاً أو أن يكون امرأةً، وهذا الأخيرهو والميزان الحق المعتبر فتنجو
ضرورة ترسيخ المبادئ في مناهج الدراسية
والإشارة كذلك إلى التوسع اللامذهبي، والإباحية المطلقة، ووضع السدود المنيعة بصورها للوقوف ضد امتداد عملية الدعوة الحق النادية لحقوق الإنسان التي تنشد لها لإحياء سنن الأنبياء التي جاءت في شرائع حفظ الانسان من وقوعه في الحضيض وتدني أخلاقه وتنقيصه وشؤمه لفقده الكرم الذي أهدى له الإله من أجل تباينه وتفوقه خلقياً وخلقياً على جميع المخلوقات
فحتى يصلح المجتمع ويرغب مكارم الأخلاق التي ينادي بها الوحي الإلهي بواسطة الرسل الكرام، يحق له أن ينشأ فيهم حكاماً صالحين يحبون الخير وينبذون الشر، يعملون للشعب ويتمنون الخير لهم ويفدون حياته من أجل الشعب. ونحن نعتبر أن هذه من نتائج الأخذ بمكارم الأخلاق، إن رضينا بالقول بأن الإنسانية التي تنادى بها صباحاً ومساءً هي مكارم الأخلاق لا غير ذلك، أن يعطى الإنسان فرص بقائه على طبيعته من غير تهديد لحياته، ونزع لوسائل حياته، ومنع لتعامه بممتلكاته، هكذا قد يبلغ الأمر، وقد تم إعطاء فرص معيشي لتوسيع دائرة أفراد متمتعين لحياة أفضل من أجل قبولهم الأخذ بهذا النهج الاعوجاجي، الذي يفقد الرشد والصورة البشرية المحمودة
فحاملو الراية ضد مكارم الأخلاق ينالون حياة أفضل برفاهية راقية للتصدي عن التحلي بمكارم الأخلاق، في وقت لم تكن مراد الأديان ولا مقصوده سوى حمل الإنسان مرتفعها نحو المعالي، لحفظه من وصفه حيواناً شرساً، ومن الطغيان في جميع مجالات حياته. أكمل حديثي هنا منادياً إلى ترسيخ المبادئ والعقائد في مناهج تدريسنا، ويعتبر من أوليات المواد المعتبرة في نجاح الطالب، فنحن لا نصفق لزواج المرأة بالمرأة ولا الرجل بالرجل، مهما كانت حالة معيشتنا في ضيقها وتدنيها
الموجه التربوي
عبد الله عبد الله عبد الوهاب